درسنا العام الماضي منهج النيورو أناتومي، وهو يُعنى بالدماغ والأعصاب، وقد كنتُ أقرأ المادة على مصدر أكاديمي فيه شيء من المرح، وعندما وصلنا إلى النزوف التي تحدث في جذع الدماغ، اقترح المصدر أن نطّلع على مُتلازمة المُنحبس، وعلى كتاب كتبه أحد المصابين بهذا المرض، كتاب كُتب برمش العيون!

جان دومينيك بوبي كاتب وصحفي فرنسي، أُصيبَ بجلطة دماغية حادّة في1995، ولم تعد حياته كما كانت من قبل، لقد ضربت الجلطة مكانًا في جذع الدماغ، يجعله مشلولًا بالكامل، فاقدًا القدرة على النطق والحركة، كان يستطيع أن يرى ويفعل شيئًا واحدًا فقط: يرمش بعينه اليُسرى.

متلازمة المُنحبس هي حالة مرضية تُبقي على وعي المُصاب، لكنّه لا يقدر على التواصل مع الآخرين، إلّا بواسطة رموش العين، تخيّل أن تبقى محبوسًا في جسدك، ولا تستطيع أن تنقل لأحد أفكارك وهمومك.

جان دومينيك بوبي أستطاع أن يتواصل مع ذويه من الرموش، واستطاعوا الاعتماد على نظام معيَّن، يُمكّنه من أن يرمش على حروف يراها، فتدوّن هذه الحروف لتُصبح إلى كلمات، النظام كان يضع الحروف الأكثر استخدامًا في البداية توفيرًا للوقت، وأي توفير يُرجى، وقد أُستخدِمَ ما يُقارب الـ 20 ألف رمشة في تأليف هذا الكتاب!

قناع الغوص والفراشة هو مؤلَّف دومينيك بعد هذه الحالة المأساوية، يتحدّث فيه عمّا حصل له وتغيّر حياته بعد الجلطة، وجدتُه يُكثر الحديث عن الأدب الفرنسي والمفكّرين والفلاسفة بشكل لم يرق لي، لكن يجب أن يُنحّى النقد جانبًا مع القصة العجيبة!

صدر الكتاب عام 1997 بعد سنتين من الحادثة، وتوفِّي الكاتب -أو الرامش،- بعد 3 أيّام بعد مُضاعفات تنفّسية، وهذا من أكثر المضاعفات التي تُميت المرضى الذين يفقدون القدرة على التحكّم في عضلاتهم، فقد تتسرّب بعض تراجيع المعدة بحموضتها إلى الرئة، ممّا تُسبّب التهابات مُتكرّرة لا يقدر عليها الجهاز المناعي.

هل قرأتم هذا الكتاب؟ هل عندكم اقتراحات لكُتب فيها مثل هذا النوع من المعاناة؟