خلال حُكم المسلمين لبلاد الأندلس الذي أستمر لأكثر من 780 سنه مرت بمراحل و عصور و توال علي حُكمها العديد من الخلفاء المختلفين في الطباع و القدرات و من ثم مرت الأندلس بفترات بداية بالفتح بقيادة القائد العبقري طارق بن زياد رحمه الله وذلك في رمضان سنة 92هـ الموافق يوليو سنة 711م و مرت بعصور بداية البناء و التعمير الي عصور النهضة حتي عصر أنقصامها الي دويلات بعد صراع قادة المسلمين علي السلطة و قتالهم بعضهم البعض مما أدي في النهاية الي سقوط دولة الأندلس بيد الصلبيين الأسبان بمعاونة دول نصاري أوروبا وذلك في ربيع الأول من سنة 897 هــ الموافق: 1492 م .

يختلف المؤرخون بأي العصرين كان أفضل عصور النهضة بالأندلس عصر بطل قصتنا اليوم الحاجب المنصور أم عصر عبدالرحمن الناصر الذي تناولنا مُختصر لقصته سابقاً في طرحي علي هامش تاريخ الأندلس المنسي المفقود

و بطل مقالنا اليوم أو قصة الحاجب المنصور هي بالفعل قصة حقيقية أقرب للخيال منها الي الواقع و ان كانت لشخصية عليها من الملاحظات الكثير لكن في رأيي المتواضع استحقت بأن تكون ضمن سلسلتي عظماء لا يعرفهم الكثيريين فهي مثال لا يُضرب ما يفوقه في الأمل و العزيمة لتحقيق الهدف الا سيرة النبي صل الله عليه و سلم و سائر الرسل و الأنبياء عليهم السلام و يخلفهم الصحابة الكرام .

قصتنا اليوم كانت خلال حُكم الدولة الأموية لدولة الأندلس و هي لحَمَّار يُدعي محمد بن أبي عامر (الحَمَّار هو من كان يحمل و ينقل للناس أغراضها بالأجرة في ذلك العصر ) و كان له أثنين من الشباب صديقين يعملان بنفس عمله و كانوا يسكنون جميعهم بكوخ صغير علي احدي التلال بقرطبة و كانت عاصمة الأندلس

و في ليلة كانوا يتسامرون فيها و يتبادلون الحديث

قال محمد بن أبي عامر لصديقيه : لو انا صرت الخليفه ماذا ستكون طلباتكما؟!

بالطبع ضحكا الأثنين و ظنا ان صديقهما يمزح

فعاد وكرر سؤاله مؤكداً انه لا يمزح و ظل يُلح في سؤاله و يُصر عليه حتي

قال له الأول : اذا انت صرت خليفه سأطلب منك قصر و حديقة غناء و اسطبل مليئ بالخيول الأصلية و مائة ألف دينار من الذهب

و قال الثاني : اذا انت صرت خليفه أركبني حمار بالمقلوب و قول للناس عني اني دجال و مُحتال و من يتعامل معي يُعاقب

كان محمد بن ابي عامر يُصر علي تحقيق حلمه و كان ذكي و يعرف ان عمله لن يمكنه في يوم من الأيام من ذلك فألتحق بالعمل في الشرطة بقرطبة فمن يدري ربما سهل ذلك عليه تحقيق حلمه في يوم من الأيام فعلي الأنسان ان يأخذ بالأسباب لتحقيق حلمه و يكون جاد في أجتهاده و عمله و سيسبب الله له الأسباب و يسرها له و يزيل عقبات يعجز الأنسان ان يزيلها حتي يصل المجتهد الي ما سعي اليه كما سار لمحمد بن ابي عامر

ألتحق بن ابي عامر بالشرطة و صار يعمل بجد و ترقي بالمناصب الي ان وصل رئيس شرطة العاصمة لأجتهاده و كفائته ثم يُسبب له الله من الأسباب ما ليس بيده و يتوفي الخليفة الأموي و عمر ولي عهده وكان يُسمي هشام المؤيد بالله لا يتجاوز عمره العشر سنوات و بالتالي هو غير جدير بمنصب الخليفة

أجتمع حُكماء وكبار بني أُميه لتنصيب وصي علي الحكم حتي بيلغ هشام الي سن الرشد و بعد ان كاد ان يدور قتال بين بني أُميه علي منصب الوصي هذا حكم كبارئهم بتعيين ثلاث أوصياء علي الحكم حتي لا ينفرد احد بالحكم و يطمع فيه في النهاية و لا يسلمه لولي العهد

بعد خلاف بني أُمية مره أخري قرروا في النهاية ان يكون الأوصياء الثلاث من غير بني أميه فتم تعيين وزير الدولة محمد المصحفي و رئيس الجيش عبدالله بن ابي غالب و رئيس شرطة العاصمة قرطبة #محمد_بن_ابي_عامر أوصياء علي الحُكم

صار الان محمد بن ابي عامر واحد من ثلاثة يديرون دولة الأندلس و لم يدم الحال طويلاً علي ذلك فبعد شهرين عُزل وزير الدولة محمد المصحفي و تم وضعه في السجن لتورطة بسرقة اموال الدولة و أصبح أثنين فقط من يحكمان البلاد

ثم بعد ذلك صار صراع علي السلطة بين رئيس شرطة و رئيس الجيش عبدالله بن ابي غالب و بعد قتال جيشي الأثنين أنتصر في النهاية محمد بن ابي عامر و انفرد بالسلطة

صار الان محمد بن ابي عامر حاكم الأندلس بلا منازع و لكنه كان يخشي منازع مستقبلي و هو ولي العهد هشام المؤيد بالله فأصدر قرار ممنوع خروج الخليفه هشام من قصره الا بأذنه (الأقامة الجبرية) ثم قرر نقل أموال الدولة و أختام الخليفة من قصر الخليفه الي قصره و أصدر قرار بحجب الناس عن اللقاء بولي العهد دون اذنه و لذلك سمي ب #الحاجب_المنصور

سار الان الحاجب المنصور الحاكم الفعلي و الوحيد لدولة الأندلس و لكن طموح بن ابي عامر لا يتوقف عن كونه خليفه عادي فبدأ يعمل علي النهوض بالدولة و ذلك في بضع قرارات سيتخذها و أمور ستجعل فترة خلافته تتنافس مع فترة حكم عبدالرحمن الناصر علي انها اعظم فترات ازدهار حضارة الأندلس

لم يغب عن الحاجب المنصور ان لا نهضة لبلد من بلاد المسلمين الا بوجود الايمان في قلوب الناس و عقولها و اخلاقها و تعاملاتها فبدأ بالقضاء علي الخمور و نشر العلماء و الوعاظ ليذكروا الناس بأحكام الدين ويعلموهم الأخلاق و حسن التعاملات فبدأ بالقضاء علي الفساد و نشر أخلاق الأسلام

و بدأ يلتفت #الي_العلم_فأهتم_بالعلماء_في_مختلف_المجالات_حتي_انه_اصدر_قرار_ان_كل_عالم_في_اي_مجال_ينتقل_الي_قرطبه_له_راتب_من_الدوله_ليتفرغ_فقط_لعلومه_واختراعاته

فأتاه_العلماء_من_الدولة العباسية بالمشرق ومن _اوروبا_مسلمين_وغيرهم

ثم التفت الي الجيش فأتفق علي الهدنة مع كل دول النصاري المعادية في اوروبا لمدة عشر سنوات أعاد فيها ترتيب الجيش و زرع فيه الأيمان و حب الجهاد في سبيل الله و تسليحه بأحدث الأسلحة و المعدات في حينها ثم و بعد عشر سنوات بدأ بقتال المشركين لأعادة المدن و الأراضي لحكم الاندلس التي كانوا قد سلبوها من حكم المسلمين و منها معركة ليون التي قادها بنفسه و انتصر فيها و ضم ايضا جنوب فرنسا الي حكمه بالأضافه الي المغرب و الجزائر و تونس وليبيا

و في يوم كان جالس في قصره مع وزرائه ارسل الي صاحبيه القدامي ولم ينساهما بعد كل تلك السنوات كما نسيتهما انت بعد دقائق يا من تقرأ تلك القصة الان

اتا صديقيه فسئلهما : هل تعرفاني ؟

قالا :بلا انت الذي لا زلت تتذكرنا؟!

قال : بالطبع .. وحكي للجلوس من الوزراء و الاعيان قصته مع صديقيه ولم #يتنكر_من_ماضيه_وفقره

ثم قال الحاجب المنصور: اتتذكرا الليلة التي سهرنا فيها سوياً وسئلتكما ماذا تريدان مني اذا صرت خليفة ؟!

قالا :بلا

فقال للأول: ماذا طلبت ؟!

فقال صديقه الأول: طلبت قصر و حديقة و خيول اصيله و مائة ألف دينار من الذهب

فقال المنصور: أعطوه ما طلب

ثم سئل الثاني : اتذكر ماذا طلبت أنت؟!

قال صديقه الثاني في خوف : يا أمير المؤمنين عفا الله عما سلف

فقال : لن اتركك حتي تقول ماذا طلبت مني لو صرت خليفه

و تحت اصرار المنصور

قال : طلبت منك اذا انت صرت خليفه أركبني حمار بالمقلوب و قول للناس عني اني دجال و مُحتال و من يتعامل معي يُعاقب

فقال المنصور: أعطوه ما اراد ليعلم ان الله علي كل شئ قدير.

للوصول_الي_هدفك_عليك_أولاً_التأكد_من_انك_تمتلك_ما_يؤهلك_له_الا_ان_كنت_تمتلك_الذكاء_والصبر_فأطمع_في_ما_تريد_من_خير_وأعمل_بالأسباب_بأجتهاد_وسيفتح_الله_لك_ما_لا_تقدر_انت_علي_ادراكه_وسيعطيك_ما_سعيت_اليه_وربما_اعطاك_ما_هو_الأفضل_لك_وانت_لم_تُدرك.

بقلمي هاني عبدالرحمن