✍ انقضى رمضان وودعنا، منا من أحسن العمل فيه؛ ومنا من قصر في أدآء بعض الطاعات. ومن فضل الله تعالى علينا أنّ باب الطاعة والقبول لا يقتصر على شهر رمضان؛ وإن كان العمل به مضاعف الآجر لا شك، إلا أنّ المسلم مطالب بالمداومة على الطاعات، والاستمرار في الحرص على تزكية النفس.

ومن أفضل هذه الطاعات وأفضل القربات إلى الله الصيام فالله تعالى يقول:

(( كل عمل ابن آدم له إلا الصيام؛ فإنه لي وأنا أجزي به ))، ويكفينا هذا الوعد من الله تعالى لنقبل على الصوم إقبالاً ...

ولكن ماذا لو عرفت أنه مع فضل الصيام الذي وعدنا الله ستصوم أيامٍ قلائل بعد رمضان وسَتُكتبُ عند الله تعالى كأنك صمت الدهر كاملاً...

فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

(( من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر )) رواه مسلم وغيره.

نعم؛ فصيامُ ستة أيامٍ من شوال بعد صيام رمضان يُكتب لك عند الله كأنك صمت الدهرَ كله، فعليك بصيام هذه الأيام الست؛ لما فيهنّ من الأجر العظيم واحرص على أن لاتفوّت هذه الفرصة، التي لايتصور أن يفوتها إلا دَنيُّ الهمة.

  • نقل الحافظ ابن رجب عن ابن المبارك: ( قيل: صيامها من شوال يلتحق بصيام رمضان في الفضل، فيكون له أجر صيام الدهر فرضاً).

  • ويقول الإمام النووي – رحمه الله -: قال العلماء: ( وإنما كان كصيام الدهر، لأن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان بعشرة أشهر، والستة بشهرين ).

  • ويقول ابن رجب رحمه الله: إن صيام شوال وشعبان كصلاة السنن الرواتب قبل الصلاة المفروضة وبعدها، فيكمل بذلك ما حصل في الفرض من خلل ونقص، فإن الفرائض تكمل بالنوافل يوم القيامة.. وأكثر الناس في صيامه للفرض نقص وخلل، فيحتاج إلى ما يجبره من الأعمال.

  • يجوز أن يصام ست أيام من شوال متفرقة أو متتابعة، لكن التتابع أفضل؛ لما فيه من المبادرة إلى الخير وعدم الوقوع في التسويف الذي قد يؤدي إلى عدم الصيام.

أخيراً:

أذكرك مجدداً بأنه لم يتبقى لإنقضاء شهر شوال سوى سبعة عشر يوماً فاحرص على صيام هذه الست ولا تفوت فضلها.