مثبِّتات في زمن الفتن.

مقدمة:

حين تتزاحم الفتن، وتضطرب القلوب، ويصعب التمييز بين الحق والباطل، يحتاج القلب إلى مُثبّتات، تمسك به عند الزلزلة، وتعيده إلى جادّة الإيمان.

وقد جمعت لنا هذه الكلمات ستة من أعظم هذه المثبّتات، نستعرضها معًا:

١. القرآن الكريم

قال تعالى:

{كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِۦ فُؤَادَكَ} [الفرقان: 32]

القرآن ليس فقط كتاب هداية، بل دواء للقلب المضطرب، يُنزل على النفس السكينة، ويربط على الفؤاد.

فيه قصص السابقين، ووعد الصادقين، وإنذار الغافلين.

من أراد الثبات، فليلزم مصحفه صباحًا ومساءً.

٢. السيرة النبوية

قال تعالى:

{وَكُلّٗا نَقُصُّ عَلَیۡكَ مِنۡ أَنۢبَاۤءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِۦ فُؤَادَكَ} [هود: 120]

في سير الأنبياء والصالحين نجد عزاءً للمُبتلَى، وقدوة للمُجاهِد، وطريقًا لمن التبس عليه الطريق.

حين ترى صبر نبي الله نوح، وثبات إبراهيم، وجهاد موسى، وصبر نبينا محمد ﷺ، يزول التردد، ويثبت اليقين.

٣. العلم والعمل به

قال الإمام أحمد: "الناس إلى العلم أحوج منهم إلى الطعام والشراب، لأن الرجل يحتاج إلى الطعام والشراب في اليوم مرة أو مرتين، وحاجته إلى العلم بعدد أنفاسه."

والعلم النافع لا يثمر إلا بالعمل، ومن أعظم ما يُثبّت العبد في زمن الفتنة: أن يعمل بما يعلم.

{وَلَوۡ أَنَّهُمۡ فَعَلُوا۟ مَا یُوعَظُونَ بِهِۦ لَكَانَ خَیۡرࣰا لَّهُمۡ وَأَشَدَّ تَثۡبِیتࣰا} [النساء: 66]

٤. الدعاء

هو باب النجاة وسلاح الضعفاء،

وكان من أكثر دعاء النبي ﷺ:

"يا مُقلّب القلوب، ثبّت قلبي على دينك."

فإن كنت لا تملك كثير علم أو عمل، فاجتهد في باب الدعاء، فلعلّه يفتح لك أبواب الثبات من حيث لا تدري.

٥. الرفقة الصالحة

قال تعالى:

{وَٱصۡبِرۡ نَفۡسَكَ مَعَ ٱلَّذِینَ یَدۡعُونَ رَبَّهُم بِٱلۡغَدَاةِ وَٱلۡعَشِیِّ} [الكهف: 28]

الصاحب الصالح يذكّرك إذا نسيت، ويعينك إذا ضعفت، ويدعوك إذا غفلت.

ابحث عنهم... تمسّك بهم، فإنهم عون في طريق الحق.

خلاصة:

الثبات لا يُولد صدفة، بل يُؤخذ من منابع طاهرة: القرآن، والسنة، والعلم، والعمل، والدعاء، والرفقة.

وفي زمن تتغيّر فيه القلوب، وتكثر فيه الفتن، كن ممن يُرزق الثبات، لا ممن تتخطفهم الشبهات.