كيف نتمسك بالعفة ونقاوم الشهوات في زمن انتشار الإباحية؟ رؤية إسلامية
إن العفة في الإسلام قيمة عظيمة تُمثل نقاء النفس وسمو الروح، وهي حصنٌ يحمي الإنسان من الوقوع في براثن الشهوات المحرمة. وفي زمننا الحالي، ومع انتشار الإباحية وسهولة الوصول إليها، تبرز الحاجة إلى الحديث عن كيفية التمسك بالعفة ومقاومة الشهوات من منظور إسلامي.
1. مفهوم العفة في الإسلام
العفة تعني كبح جماح النفس عن المحرمات، وضبطها عن اتباع الشهوات بما يخالف شرع الله.
قال الله تعالى:
{وَلْيَسْتَعْفِفِ ٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِۦ} (النور: 33).
وهي خلق عظيم يدعو إلى طهارة القلب والجوارح.
2. أسباب انتشار الإباحية وتأثيرها
أ. أسباب انتشار الإباحية
التطور التكنولوجي: إتاحة المحتوى عبر الإنترنت بسهولة.
ضعف الوازع الديني: غياب التربية الدينية في بعض البيوت والمجتمعات.
الفراغ وعدم استثمار الوقت: مما يجعل الشباب عرضة للانشغال بما يفسد أخلاقهم.
ب. تأثير الإباحية
على النفس: تدمير الفطرة السليمة وإضعاف الإيمان.
على العلاقات: تؤدي إلى تشويه مفهوم الحب والعلاقة الزوجية.
على المجتمع: تساهم في تفشي الفساد وضعف الروابط الأخلاقية.
3. كيف نتمسك بالعفة ونقاوم الشهوات؟
أ. تعزيز الإيمان بالله
التمسك بالعفة يبدأ بالإيمان القوي بالله والخوف من عقابه.
قال النبي ﷺ:
"استحيوا من الله حق الحياء... ومن استحيا من الله حق الحياء، فليحفظ الرأس وما وعى، وليحفظ البطن وما حوى." (رواه الترمذي).
ب. الاستعانة بالله والدعاء
الدعاء سلاح قوي لحماية النفس من الشهوات. كان النبي ﷺ يقول:
"اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى." (رواه مسلم).
ج. الصيام كوسيلة لضبط النفس
الصيام يُربي النفس على الصبر وكبح الشهوات. قال النبي ﷺ:
"يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء." (متفق عليه).
د. غض البصر
الإسلام أمر بغض البصر لأنه مفتاح العفة. قال الله تعالى:
{قُل لِّلۡمُؤۡمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡ وَيَحۡفَظُواْ فُرُوجَهُمۡۚ} (النور: 30).
هـ. اختيار الصحبة الصالحة
الصحبة الصالحة تُعين على الالتزام بالعفة وتجنب المحرمات. قال النبي ﷺ:
"المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل." (رواه الترمذي).
و. ملء الوقت بالأعمال النافعة
الانشغال بالأعمال المفيدة يُبعد الإنسان عن التفكير في الشهوات. يمكن استثمار الوقت في:
طلب العلم الشرعي.
ممارسة الرياضة.
الأعمال التطوعية.
ز. تجنب المثيرات ومواطن الفتن
البعد عن الأماكن والمواقع التي تثير الشهوات، والامتناع عن متابعة المحتويات غير اللائقة.
ح. الزواج المبكر عند الاستطاعة
الزواج وسيلة مشروعة لتحقيق الرغبات بطريقة تحفظ العفة.
4. أهمية التوبة والاستغفار
الإسلام يفتح أبواب التوبة لكل مذنب. إذا وقع الإنسان في خطأ، فعليه أن يبادر بالتوبة والاستغفار.
قال الله تعالى:
{إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَّٰبِينَ وَيُحِبُّ ٱلۡمُتَطَهِّرِينَ} (البقرة: 222).
وقال النبي ﷺ:
"كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون." (رواه الترمذي).
5. فوائد العفة في حياة المسلم
سلامة القلب والنفس: العفة تمنح راحة البال والطمأنينة.
الحصول على رضا الله: العفة تقرب الإنسان من الله وتزيد من حسناته.
حفظ العلاقات: العفة تجعل العلاقات قائمة على الاحترام والتقدير.
مجتمع طاهر: التزام العفة يُسهم في بناء مجتمع نظيف وخالٍ من الفتن.
الختام
التمسك بالعفة في زمن انتشار الإباحية تحدٍّ كبير، لكنه ليس مستحيلاً. الإسلام يقدم حلولاً عملية وروحية لحماية النفس من الشهوات والمحرمات.
بالتقرب إلى الله، وضبط النفس، واختيار الصحبة الصالحة، والبعد عن مواطن الفتن، يستطيع المسلم أن يحافظ على عفته ويقاوم الشهوات. قال الله تعالى:
{وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهۡدِيَنَّهُمۡ سُبُلَنَاۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (العنكبوت: 69).
اللهم ارزقنا العفة والطهارة، وأعنا على غض أبصارنا وحفظ جوارحنا
التعليقات