"المرء بأصغريه: قلبه ولسانه" - المعنى والدلالة
عبارة "المرء بأصغريه: قلبه ولسانه" تحمل في طياتها حكمة عظيمة تُبرز أهمية القلب واللسان في حياة الإنسان. ورغم صغر حجمهما مقارنة بجسد الإنسان، فإن تأثيرهما كبير في تحديد شخصية الإنسان وسلوكه ومكانته بين الناس وفي ميزان الله سبحانه وتعالى.
القلب واللسان: المعنى والمفهوم
القلب
القلب هو مركز الإحساس والشعور والتفكير العميق. في الإسلام، للقلب دور أساسي في الإيمان والعمل. قال الله تعالى:
{وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} (البقرة: 225).
والقلب هو الذي يحمل النوايا، وهي التي تُحدد قيمة العمل عند الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"إنما الأعمال بالنيات" (رواه البخاري ومسلم).
اللسان
اللسان هو ترجمان القلب، يعبر عما يخفيه من نوايا وأفكار. اللسان أداة للكلام، والكلام إمّا أن يكون بناءً أو هدامًا. قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت" (رواه البخاري ومسلم).
لماذا المرء يُحكم بأصغريه؟
القلب: مصدر النوايا والأخلاق
القلب النقي يعكس أخلاقًا حسنة وسلوكًا مستقيمًا. إذا صلح القلب، صلح الجسد كله، وإذا فسد، فسد الجسد كله. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب" (رواه البخاري ومسلم).
اللسان: مُترجم القلب وسلاح التأثير
اللسان يعبر عن مشاعر الإنسان وأفكاره. قد يرتفع الإنسان بكلمة طيبة، وقد يهوي بكلمة سوء. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يُلقي لها بالًا يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يُلقي لها بالًا يهوي بها في جهنم" (رواه البخاري).
أهمية العناية بالقلب واللسان
تنقية القلب
الإيمان بالله: القلب المؤمن هو أساس التقوى والعمل الصالح.
التخلص من الغل والحقد: قال الله تعالى:
{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ} (الحجر: 47).
ضبط اللسان
قول الخير: النبي صلى الله عليه وسلم حثنا على اختيار الكلمة الطيبة.
تجنب الغيبة والنميمة: قال تعالى:
{وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا} (الحجرات: 12).
دور القلب واللسان في تقييم الإنسان
المرء يُعرف بأخلاقه وأفعاله التي تنبع من قلبه ولسانه. القلب هو مصدر النية، واللسان هو وسيلة التعبير عنها. إذا اجتمع القلب السليم مع اللسان الصادق، أصبح الإنسان محبوبًا عند الله وعند الناس.
خاتمة
القول "المرء بأصغريه: قلبه ولسانه" يُظهر أن قيمة الإنسان ليست في مظهره أو حجمه، بل في ما يحمله قلبه من نوايا وأفكار، وفي ما ينطق به لسانه من كلمات. لذا، على كل إنسان أن يعتني بقلبه بتزكيته وتطهيره، وبلسانه بضبطه ليكون أداة للخير. بهذه العناية، يصبح المرء قدوة في الدنيا ورفيع الشأن عند الله في الآخرة.