عهد الساجدين  

في هذا المقال فكرة من جواهر الأفكار المطموسة

رسالة إلى الإخوة والأخوات الكرام، إلى الآباء والأمهات الذين يعلمون الأبناء  الصلاة، علموهم ( عهد الساجدين )، فكثير من المسلمين يصلون ولكنهم لا يلتزمون بعهد الساجدين، بل هم لم يجدوا من يبين لهم و ينبههم إلى عهد الساجدين، فهو العهد الذي إذا ما التزم به المصلي - الذي يطوف في فلك أفكار الرسالة - يجعله بصيرا ومدركا لحقائق الأشياء ومن أولي الألباب، لأنه عهد يحافظ على العقل من الفساد ويجعله عقلا منسجما مع الوحي الإلهي المسطور  .

ما يلي منقول تمهيدا لشرح عهد الساجدين  والتعريف به

قال تعالى ( أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ (13) أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَىٰ (14) كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب ۩ (19) ) العلق .

(( وصف القرآن الناصية بأنها كاذبة خاطئة كما قال تعالى: ( نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ) 

والناصية لا تنطق فكيف يسند إليها الكذب ؟، ولا تجترح الخطايا فكيف تسند إليها الخطيئة ؟ 

إن الإنسان إذا أراد أن يكذب فإن القرار يتخذ في الفص الجبهي للمخ الذي هو جبهة الإنسان وناصيته، وإذا أراد الخطيئة فإن القرار كذلك يتخذ في الناصية، فالناصية هي المسئولة عن المقايسات العليا وتوجيه سلوك الإنسان، وما الجوارح إلا جنود تنفذ هذه القرارات التي تتخذ في الناصية .)) …..انتهى النقل

وبعد النقل أكتب للقارئ الكريم ما يلي

قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ ( وَافْعَلُوا الْخَيْرَ ) لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۩ (77)) الحج….  

لكي يتذوق الأبناء ثمرة طيبة من وراء صلاتهم، ولكي يكونوا مهيئين للتأييد بروح من الله عز وجل بعد الولاء المطلق له ولأفكار الرسالة، ( وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ )، وهو التأييد الذي يحفظ سلامة العقل وينير البصيرة ويرفع من مستوى الوعي ويحيي الشعور ويوسع الأفق والمدارك، ولكي يكون الأبناء من المتقين المخلصين الصادقين الذين ينعم الله عليهم بالهدى ونور اليقين، علينا أن نقرن عملية السجود ووضع الجبهة والناصية على الأرض في أذهانهم ( بالتعهد الضمني وبتجديد العهد اليومي ) على عدم استعمال آلة التفكير في الدماغ  في ما يغضب الله عز وجل، كالكذب والدجل والغش والخداع، وكالتفكير بالشر وبما يضر بالآخرين، وفي ابتكار الحيل الفكرية للتحايل على الناس وعلى منهج الله عز وجل للتفلت من الالتزامات التي يجب أن يلتزم بها المؤمن تجاه الله عز وجل وتجاه نفسه والناس 

فعلينا توجيه آلة التفكير للتفكير بفعل الخير لكسب رضا الله عز وجل، ( وَافْعَلُوا الْخَيْرَ ) ففعل الخير يسبقه التفكير بالفعل، فما دمت تفكر بفعل الخير وتقوم بفعل الخير وأعمالك باتجاه طاعة الله عز وجل فأنت في حالة (  تسبيح عملي ) ولذلك تكون من الساجدين المسبحين .

عند عودة الخلافة على منهاج النبوة بإذن الله ومشيئته يجب تعليم وتعريف الصغار أثناء تعليمهم الصلاة ( بعهد الساجدين ) وجعل قول الصدق ثقافة يتحلى بها المجتمع المسلم حتى تخرج الأجيال القادمة بعقول سليمة الموازين لا تنزل عليها العقوبات المرصودة من الله عز وجل للكاذبين والغشاشين والمحتالين .

قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) ) التوبة .

قال رسول الله ﷺ:( آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان) .

قال الشيخ محمد راتب النابلسي .

(( إذا وجدت خيانة أو كذبا فاحكم يقينا أن الذي خان ليس مؤمنا، لا يجتمع كذب ولا خيانة مع الإيمان، ولذلك مشكلة العالم في الكذب، لو أن الناس صدقوا لكانوا في حال غير هذا الحال، الكذب مع تنفسهم، يقول لك كلاما ليس قانعا هو به، يصف شيئا وصفا لكي تقنع بشرائه وهو ليس كذلك، لو ألغينا الكذب من حياتنا لكنا بحال غير هذا الحال، لذلك يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب .))