أنا أرى أن الاستقلال عن الأهل ضرورة لكي يتطور الأبناء ويعتمدون على أنفسهم، ويحددون بأنفسهم ما يريدون وما يناسبهم في الحياة، ولكن مع تخوف الأهل ومعارضة العادات التي لا أفهم منطقها، كيف يمكننا تطبيق استقلال الأبناء عن أبائهم كالمجتمعات الغربية ولكن بما يناسب ثقافتنا؟
كيف يمكننا تطبيق استقلال الأبناء عن أبائهم كالمجتمعات الغربية ولكن بما يناسب ثقافتنا؟
صحيح أن الفكرة من السماح للأبناء بخوض التجارب والمغامرات تحت إشراف " مغامرة مُراقبة للأبناء" تبدو منطقية في سياق تعزيز ثقتهم في أنفسهم، لكن إذا نظرنا إلى الواقع قد يتحول ذلك إلى تبرير للمبالغة في التدخل وفرض سيطرة على حياة الأبناء حتى في مرحلة ضرورية من استقلالهم وقد نجد أنفسنا في دائرة مغلقة من الرقابة المستمرة، وهو أمر قد يؤدي إلى فقدان الثقة بين الأهل والأبناء في المدى الطويل.
لا أعلم ولكني أراه العكس! المغامرة والمراقبة شيء لا يجتمعان عند أسلوب تربية معظم الأسر العربية، فإذا وصلنا لهذا المستوى قد يعد إنجازًا نتحرك منه لمناطق أكثر تحررًا، مثل قبول الأباء باستقلال أبنائهم وبناتهم تمامًا في سن صغيرة نسبيًا، لأنهم جربوا بالفعل مستوى جزءي من تلك المغامرة. نحن نريد الكثير بالفعل في مسألة استقلال الابناء ولكن واقعيًا نحن أبعد ما يكون عن نتيجة مرجوة، ولنكن واقعيين أيضًا فتدني المستوى الأمني مؤخرًا في كثير من البلدان العربية ساهم في تعزيز صرامة الآباء حول الأمر.
نعم صحيح الجمع بين المغامرة والمراقبة يعتبر تحدي كبير عبد الرحمن في الكثير من الأسر العربية، خاصة في ظل الأوضاع الأمنية التى أشرت إليها. لكن المغامرة ليست فقط عن الأمان المادي، بل أيضاً عن الحرية الفكرية والنفسية. على سبيل المثال في بعض الدول الغربية، يبدأ الشباب في الاستقلال مبكراً، لكنهم يظلّون مدعومين من مؤسسات تعليمية ومجتمعية تساعدهم على إدارة تجاربهم ( مع تحفظى على بعض الأمور ). بينما في عالمنا العربي، قلة المساحات الآمنة للتجربة والخطأ تجعل الاستقلال يبدو صعباً.
رغم ذلك، أعتقد أنه يمكننا إيجاد حل وسط، يجمع بين الأمان وبين السماح للمراهقين بالتجربة والاستكشاف بطريقة مدروسة، خاصة في الظروف الأمنية الصعبة التي نعيشها.
بينما في عالمنا العربي، قلة المساحات الآمنة للتجربة والخطأ تجعل الاستقلال يبدو صعباً.
الأهل أنفسهم أو لنقل أغلبهم يوفرون نفس المساحة الصغيرة للتجربة والخطأ، أي يضعون خيارات محدودة جدا أمام أبنائهم فيما يخص تعليمهم ومستقبلهم، فعلى الأقل إذا سمحوا له بالاستقلال يمكنه أن يجد طريق آخر مختلف له، خصوصا وأن قلة الخيارات لدى الأهل ناتجة عن قلى وعي فهو يربون كما تربوا وبناء على ظروفهم هم وعصرهم هم أما الوقت الحالي فقد اختلف تماما في كل شيء.
بالضبط، في وقتنا الحالي، أصبح من الضروري أن يوسع الأهل آفاق أبنائهم ويمنحوهم مساحة أكبر لاختيار مساراتهم الشخصية بعيداً عن القيود التقليدية. فالعالم اليوم يتغير بسرعة، والفرص متنوعة في مجالات مختلفة قد لا تكون الأجيال السابقة على دراية بها. منح الأبناء حرية التجربة والتعلم من الأخطاء ليس فقط يساعدهم على اكتشاف أنفسهم، بل أيضاً يمكّنهم من تكوين مهارات قد تكون غير تقليدية، لكنها ضرورية في سوق العمل المتغير.
التعليقات