بسم الله الرحمن الرحيم.

هذا هو اليوم الأول في التطبيق العملي على النحو، سندرس اليوم الأحرف، ما هو البناء، ما هو الإعراب، علامات الإعراب الأصلية، والمعرب والمبني من الأسماء، لنبدأ،

تأمل في الأحرف العربية

يقول تعالى:

وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ ...

فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا …

فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ 

فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ

الملاحظ: حرف "في" لم يتغير أخره في أي من تلك المواضع، فبقى على حاله مبني على السكون -أي حركة أخره دائمًا ساكنة.

إذن نُعرف البناء: هو لزوم أخر الكلمة علامة واحدة في جميع أحوالها مهما تغير موقعها الإعرابي أو ...

الأحرف

كما عرفناها في الدرس الأول(الكلام وما يتألف منه)

، الحرف(حرف المعاني) هو ما دل على معنى في غيره، وقد عرفه ابن مالك علاماته فقال:

سِوَاهُمَا الْحَرْفُ كَهَلْ وَفِي وَلَمْ ** فِعْلٌ مُضَارِعٌ يَلِي لَمْ كَيَشَمْ

إذن الحرف هو ما خلا من علامات الاسم

وعلامات الفعل كما سندرسها في الدرس القادم -إن شاء الله، ينقسم الحرف إلى قسمين مختص -ومنه مختص بالأسماء كمثل <في>، والأفعال كمثل <لم>، وغير مختص كمثل <هل>،

غير مختص

وهو الذي لم يختص بالأسماء، أو الأفعال فقط بل يدخل على كليهما، مثل ذلك حرف الاستفهام <هل>؛ يمكن أن تقول "هل قام محمدٌ" ويمكن أن تقول "هل محمدٌ قائمٌ".

مختص

وهو ما يختص بالأسماء أو الأفعال فقط، ومنه ما هو مختص بالأسماء،

مختص بالأسماء

مختص بالأسماء، ولا يدخل على الأفعال، ومثله حرف الجر <في> يمكن أن تقول "محمدٌ في المسجد" ولا يمكن أن تقول "محمدٌ في ذهب إلى المسجد"،

مختص بالأفعال

وأما المختص منها بالأفعال كأدوات الجزم مثل <لم> "لم يقم محمدٌ".

الأحرف دائمًا مبنية

يقول ابن مالك:

وَكُلُّ حَرْفٍ مُسْتَحِقٌ لــِلْبِنَا ** وَالَأصْلُ في الْمَبْنِيِّ أنْ يُسكّنا

وَمِنْهُ ذُو فُتْحٍ وَذُو كَسْرٍ وَضَمّ ** كَأَيْنَ أَمْسِ حَيْثُ وَالسـَّاكِنُ كَمْ

إذن كل الأحرف مبنية، والأصل في البناء السكون، وقد يحرك المبني لسبب كالتخلص من التقاء الساكنين، لذا يمكن أن يبنى الحرف أيضًا على الضم، الفتح أو الكسر، مثل منذُ -مبني على الضم.

الإعراب وعلاماته الأصلية

لنتأمل في قوله تعالى:

اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ 

مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ 

وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ 

الملاحظ: يتغير أخر هذه الكلمات بتغير موقعها في الكلام والظروف التي تطرأ عليها،

إذن يمكننا تعريف الإعراب: تغيير أخر الكلمة لاختلاف العوامل الداخلة عليها …

الإعراب أصلٌ في الأسماء، فرعٌ في الأفعال

بحسب قول البصريين الأصل في الأسماء الإعراب، والفرع هو البناء إن شابه الاسم الحرف -كما سنتعرف بعد قليل، والبناء أصلٌ في الأفعال والإعراب هو الفرع، وذهب الكوفيون إلى أنّ الإعراب أصلٌ في الأفعال والأسماء، الراجح هو الرأي الأول وهو ما سنكمل عليه.

أنواع الإعراب وعلاماته الأصلية

والرّفعَ والنّصبَ اجعلنْ إعْرَابا ** لاْسمٍ وَفِعْلٍ نَحْوُ لــنْ أَهَابَا

والاسْمُ قَدْ خُصِّصَ بالجَرّ كَمَا ** قَدْ خُصّصَ الفِعْلُ بِأَنْ يَنْجَزِمَا

فارفَعْ بِضَمّ وَانْصِبَنْ فَتْحاً وَجُرّ ** كَسْراً كَذِكْرُ الله عَبْدَهُ يَسُر

وَاجْزِمْ بِتَسْكِينٍ وَغَيْرُ مَا ذُكِرْ ** يَنُوبُ نَحْوُ جَا أَخُو بَنَي نَمِرْ

إذن لدينا أربعة أنواع للإعراب الرفع، النصب، الجر، والجزم، النصب والرفع عام لكل من الاسماء والأفعال، أما الجر مختص بالأسماء، والجزم مختص بالأفعال، هذه كل علامات الإعراب مع اختصاصها:

  1. الرفع: العلامة الأصلية الضم، يختص بالأسماء والأفعال.

  2. النصب: العلامة الأصلية الفتح، يختص بالأسماء والأفعال.

  3. الجر: العلامة الأصلية الكسر، يختص بالأسماء فقط.

  4. الجزم: العلامة الأصلية السكون، يختص بالأفعال فقط.

لأحظ نقول العلامة الأصلية للكلمات العربية كمحمدٍ، وزيدٍ، ويمكن أن تنوب علامة فرعية في الإعراب كالأحرف في الأسماء الستة "جاء ذو كرم. رأيتُ ذا كرم"، أو حركات أخرى كما في جمع المؤنث السالم -كما سنتحدث فيما بعد بإذن الله.

المعرب والمبني من الأسماء

قلنا أن الأعراب للأسماء هو الأصل، ويبنى الاسم لشبهه من الحرف كما وضح ابن مالك:

 والاسم منه معرب ومبني ** لشبه من الحروف مدني

ثم يكمل أوجه ذلك الشبه بالحرف فيقول:

كالشبه الوضعي في اسمي جئتنا ** والمعنوي في متى وفي هنا

 وكنيابة عن الفعل بلا ** تأثر وكافتقار أصلا

إذن من قول ابن مالك الشبه في الأحرف على أربعة أوجه، أولها الشبه الوضعي،

الشبه الوضعي

هو أن يكون الاسم شابه الأحرف في التركيب، كأن يكون مكون من حرفٍ واحدٍ كتاء الفاعل في “ضربتُ”، أو من حرفين كما في ضمير "نا" في كلمة "جئتنا".

الشبه في المعنى

الشبه في معنى الحرف على قسمين ما أشبه حرفًا موجودًا، والثاني ما أشبه حرفًا غير موجودٍ،

ما أشبه حرفًا موجودًا

يبنى الاسم إذا أشبه حرفًا موجودًا في خصائصه، مثال على ذلك اسم الاستفهام "متى" يبنى لشبه الأحرف في المعنى، لأنها تستعمل في الاستفهام كمثل همزة الاستفهام "متى تقوم"(متى خبر مقدم وجوبًا لأن أسماء الاستفهام لها الصدارة كما سنتعرف فيما بعد) وأيضًا "متى" شابه الحرف في الشرط "إن" كمثل "متى أقم تقم".

ما أشبه حرفًا غير موجودٍ

هو ما أشبه حرفًا كان ينبغي أن يوضع في العربية، كمثل اسم "هنا" لأن الإشارة معنىً من المعاني، كما وضعواْ للنفي "ما" وللنهي "لا" ...

التشبه في النيابة عن الفعل وعدم التأثر

وهو أن يكون الاسم يعمل، ولا يعمل فيه غيره، يؤثر ولا يتأثر، كأسماء الأفعال -سنتحدث عنها لاحقًا بإذن الله ربما في الدرس القادم، مثل صه ودراكِ.

شبه الحرف في الافتقار اللازم

وهو افتقار الاسم في جميع أحواله إلى صلة، كاسم الإشارة "الذي"؛ فلا يمكن قول "رأيتُ الذي" والسكوت بل يجب وضع صلة "رأيتُ الذي أكرمته"،

ستة أبواب للأسماء المبنية

إذن من الشروط السابقة نلخص أبواب الأسماء المبنية إلى "الضمائر، أسماء الشرط، أسماء الاستفهام، أسماء الإشارة، أسماء الأفعال والأسماء الموصولة" كل منها سنتحدث عنها في مرات لاحقة -بإذن الله.

انتهى درسنا إلى هذا اليوم يحتاج إلى القليل من الحفظ، حاول حفظه حتى تمهد لما قادم من الدروس بإذن الله ...