أكتوبرُ المجدِ، يا سيفَ العُلا وَهَبُ
يا قبلةَ النورِ، ومسرى الحر والعربُ
يا مطلعَ الفجرِ، يا ميلادَ أُمّتِنا
صوتُكِ ارتجَّ في الأفقِ الذي التَهَبُ
يا ثورةً كسرتْ أغلالَ قاهِرِها
فاستيقظَ الحلمُ، واستحيا بهِ العَصَبُ
من صدركِ انفجرتْ أنغامُ ملحمةٍ
تروي الكرامةَ، للأجيالِ والكُتُبُ
يا منجَبَ الفخرِ، يا تاريخَ أُمّتِنا
يا منقِذَ الحرفِ من صمتٍ ومن خَرَبُ
ما كانَ صوتُكِ إلا الرعدَ منتصبًا
يُجلي الظلامَ، ويبقي الصبحَ والطَّرَبُ
يا ثورةَ النورِ، يا أنثى المدى شُرُفًا
بالعزمِ تخضِبُ وجهَ المجدِ بالعَجَبُ
قد علَّمَتنا المدى أنَّا وإن رَقَدَتْ
أجيالُنا، فبصدرِ الحُرِّ مُضطَرَبُ
فيكِ الرجالُ إذا ما الموتُ زاحَمَهم
خالَوهُ عطراً يُساقي النصرَ والطَّلَبُ
فيكِ الشموخُ الذي ما نالَ من قِمَمٍ
إلا ارتقى فوقَها عزًّا على السُّحُبُ
ما كنتِ طيفًا على الأطلالِ تُغرِقُنا
لكنْ وجودًا لهُ في القلبِ مُنتصِبُ
أكتوبرُ الحُرُّ! لو تدري ملاحِمَهُ
لأورقَ الجرحُ، واهتزَّت بهِ السُّحُبُ
تبقى لنا قبسًا في الدربِ نقتبِسُ
الإيمانَ منهُ، ونبقي العهدَ والقُرُبُ
ما خابَ دربٌ مشى فيهِ الأُباةُ، ولا
ضاعتْ خطاكِ، وإنْ جارَتْ بهِ السُّحُبُ
قوميّةٌ أنتِ، في آفاقِنا عَلَمٌ
يمتدُّ من عدنٍ العُليا إلى حَلَبُ
من ناصرِ العربِ استلهمتِ مَجدَكِ إذْ
نادَى اليمانيُّ: هبُّوا نصرةَ العربُ!
ما زالَ صوتُكِ في التاريخِ مرتعشًا
كالسيفِ في قبضتِ الإيمانِ والغَضَبُ
يا ثورةً خطفتْ أضواءَ كوكبِنا
لتزرعي نجمَنا في غايةِ الشُّهُبُ
يا وردةً نبتتْ في ليلِ مَذلَّتِنا
حتى بدتْ فجرَنا الموعودَ بالعَجَبُ
يا موطنَ الشمسِ، يا أُفقاً لهُ عَجَبُ
فيكَ البدايةُ والإلهامُ والسَّبَبُ
قد علَّمَتنا الدُّنا أنَّ الفتى وَطَنٌ
يَحيى إذا ثارَ، أو يفنى إذا وَجَبُ
ما كانَ في الأرضِ حُرٌّ دونَ ثورتِنا
ولا عَلا في ذُرى التاريخِ من كَذَبُ
سارتْ خطاكِ على أرواحِنا وَهَجًا
يُضيءُ ما غابَ من فجرٍ ومن كُتُبُ
يا منبعَ العزِّ! كم في نحوكِ اشتعلتْ
قُلوبُنا، واصطلى التاريخُ والعَصَبُ
يا صرخةً مزَّقتْ أغلالَ قاهِرِها
حتى غدتْ في عيونِ الدهرِ تنتصِبُ
يا لحظةَ العزِّ في تاريخِ أُمّتنا
بكِ استعادَتْ سُروجَ العِزِّ والعَجَبُ
يا ثورةَ اللهِ، ما زالتْ مآثِرُكِ الـ
ـعُظمى تُدوَّنُ في الأسفارِ والكُتُبُ
قد أشرَقَ الفجرُ من جُرحِ الثرى ولهُ
نبضٌ يُعيدُ صدى التاريخِ والعَجَبُ
يا قبلةَ العزِّ، يا فجرَ الهدى شُرُفًا
منكِ الشعوبُ استفاقتْ بعدَ ما وَهَبُوا
يا ثورةَ اللهِ، يا وعدَ السماءِ لنا
أنْ لا يموتَ على دربِ العُلا طَلَبُ
قد كنتِ للوطنِ المكلومِ فجرَ هُدىً
يسمو على القهرِ، لا يُخشى ولا يُرَبُ
منكِ استفاضَتْ رؤى الأحرارِ مُشتعِلاً
نورًا يُبشِّرُ بالإيمانِ والغَلَبُ
سَقَيتِ أرضَكِ بالدمعِ الهتونِ، فما
أثمرتِ إلا سنابلَ المجدِ والذَّهَبُ
ما أرهَقوكِ، وإنْ صالوا بجَحْفَلِهم
فالحقُّ أقوى، وفيه الصبرُ والعَصَبُ
يا نَفحَةَ اللهِ، يا أنفاسَ ملحَمَةٍ
عِطرُ البطولةِ في أنفاسِكِ انسكَبُ
فيكِ الدُّنا عَرَفَتْ أنَّ الظُّلومَ وإنْ
تجبَهْكَ يومًا، فبالإصرارِ يَنْقَلِبُ
كم ثائرٍ ضَحَّ بالروحِ التي وهَبَتْ
لوجهِ أوطانهِ الإشراقَ واللَّهبُ
يا موطنَ النورِ، ما زالتْ صلاتُ دَمى
تهفو إليكِ، وفيها العشقُ والعَجَبُ
يا ثورةَ اللهِ، يا أمّاً تعانِقُنا
فيها الحنينُ، وفيها الدمعُ والكُرَبُ
نمضي على خُطَواتِ المجدِ نحفَظُها
ما دامَ فينا لهذا النبضِ مُنتسِبُ
تبقينَ في كلِّ قلبٍ أنشودةً سَكَنَتْ
تهفو بها الروحُ إنْ جافى بها التَّعَبُ
سيري، فكلُّ المدى يهوى مَلامِحَكِ الـ
ـبَيضاءَ، حيثُ الهدى والعزُّ يضطَرِبُ
ما زلتِ تكتبُ في التاريخِ سيرتَنا
حُبًّا، وتُنطِقُ ما قد عاقَهُ الكَتَبُ
التعليقات