أتَيتُ فَما وجَدتُ لها مِثالا
لِذي الدُّنيا مَتاعاً وانْذهَالا
عَجَبتُ بما أراهُ مِنَ الدَّواهي
تُخَادعَنَا بِطيبِ العَيشِ حالا
تُذُوق الحُلوَ أيّاماً قِصاراً
ومُرَّ العَيشِ أيّاماً طِوالا
وإنَّ الشَّمسَ ما طَلعتْ نَهاراً
فإنَّ الليلَ يُعقبها زَوالا
تَراهُ إلى حَياةِ الدُّنيا هائِمْ
وعن الدِّينِ والصَّلاواتِ مَالا
هيَ الدُّنيا الغَرورُ وإنْ تَجَلَّتْ
تُشَوِّقُ مَن يُحاوِلها وصالا
وما لجَمالِها وجهٌ ولكنْ
عَليها الحُلمُ قد ألقى الجمَالا
ولَو إنّا إذا مُتنَا تُرِكنَا
لكَانَ المَوتُ للخَلقِ احتِفالا
فإنَّ الدُّنيا أولَها عَناءٌ
وآخرها فنَاء وانتِشالا
وإن الدَّنيا تأمُرُ بالمَعاصِي
فَلا تُطِعِ الأوامرُ بامْتِثالا
فلا تَغتَر بِها وتكونَ عبداً
ولا تَشغِلْ لها بالفكرِ بالا
لَعَمرُكَ إنَّ داجِيةِ الليالي
إذا حَلَّتْ تَمَنَّعتِ ارتِحالا
فمنها كُن على حَذرٍ وبادِرْ
إلى الخَيراتِ واطَّرحِ المِطالا
لتأتيَ والأنَامُ بيومِ حَشرٍ
حَصيناً في حِمى المَولى تعالى
بعَيناكَ المَباغِي ضاحِكاتٌ
ووجهُكَ ناصعٌ فَاقَ الهِلالا
يزفُّكَ للجِنانِ مَلاكَ طُهرٍ
ويَهتِفُ فيكَ أحسَنتَ المآلا
أخي صَبراً على وجعِ البلايا
وصبرُ المَرءِ مِن خيرِ الخِصالا
أخي صَبراً فإنَّ الرُزءَ فانٍ
وما حُزنٌ أتى إلا وزالا
أخي صبراً وما في الصَّبرِ عيبٌ
لمنْ أفنى عليهِ الصَّبرُ طالا
لنا بمُحمَّدٍ أدهى بلاءٍ
من التَّكذيبِ والفتنِ استَطالا
إذا رحَلَ المُنازِعُ ليسَ بِدعاً
ففي الدُّنيا الخُلودُ غدا مُحالا
أحمد القيسي✍🏼