طاولة في "مقهى الغرباء"

 تطل على قلب المدينة المثقوب

عند منعطف الليل في مدينة الرذيلة

نبيذ، تبغ، شعر، نثر، لحن، كأس، نادلة وقلم

 كان عشاء ذاك المساء شهيًا

كافيًا لاستحضار صورتها في مرايا عيون حالمة بين خيوط الياقوت

لم يبق في الكون شمس

لا ظل يرافقني ولا قمر يسامرني

 الفجر رهين رحم الليل

تئن جدران النور

 تدمع ملحًا في الجرح

 وحدها مُخيلتي تخلق تضاريس السواد

الشعراء يتجولون غرباء على أرصفة الليل

 يحلمون ويُضيئون العتمة بضوء المجاز!

ذلك الليل وقح، يسير بلا ثياب

بيارق الرذيلة تمر بـ"مقهى الغرباء" 

في منتصف الليل والخمر والحلم

في أنصاف كاسات فارغة مطرق الرأس

يولد الفجر، يصرخ، يحبو، يخطو، يركض، يشب، يشيب، يموت مع الشفق

في حضن الغسق أنتظر قيامته

صاح "الديك" 

صارت النادلة قديسة، والخمر لبنًا 

القلم الكاذب خطَّ ما يليق بالنهار

نفض الغرباء أحلامهم سحاب

هنيهة، لملمت ما بعثره الليل على الطاولة وفي عيون الغرباء

في قلب المدينة المثقوب

تمثال البازلت وسط الميدان 

 لا سواد يخفي تضاريسه

طفت حوله مرتين أو سبعًا

 لا أجيد العد بعد الخمر

توت أَسْود برّيٌّ يصبغ أظفار امرأة من بازلت

يطوقها بالحرير والأرجوان

 ينفخ فيها الروح لتنطق بالكناية

يضحي بالملح على الخصر والنهد

فرعونية تخبئ الزهر بين نهدين من بازلت

قرأت عليها حكايات "العهد القديم" وأشعار العرب واللاتين

أنا لست بازلت، هكذا قالت!

أمر عليها كالماء في الجدول الصخري

لص أنا في حقول الكونغو يفتش عن ماسة وردية!

في الليل

 في "مقهى الغرباء" أصب النهار في حضن نادلة!