إن العمل هو أساس الحياة التي نعيشها ونحياها اليوم حيث أنه يعتبر المصدر الرئيسي للرزق والقوت الذي يرتجيها كل إنسان على وجه الأرض والعمل معروف بالنسبة للإنسان منذ بدء الخليقة حيث أنه يعتبر بالنسبة له احد العوامل الرئيسية لاستمرار الحياة وتوفير مستلزماتها والإنسان الذي لا يعمل يعتبر فرد غير فعال وغير منتج.

من هذا المنطلق تقل أهمية كانسان حيث أن العمل يحدد مستوى الإنسان المعيشي والثقافي والاجتماعي والأقنصادي وفي ديننا الحنيف تتضح أهمية العمل في كثير من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة فهو بشكل عام يوصي بالعمل وبضرورته لأنه يعتبره عزة وكرامة للإنسان ودرعاً واقياً عن الذل والهوان ومن أهم الآيات القرآنية التي بينت أهمية العمل قوله تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) - صدق الله العلي العظيم.

كما اننى نرى أهمية العمل تتمثل على لسان النبي (ص) بقوله (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه) صدق الرسول الكريم (ص) والعمل بشتى أنواعه ليس عيباً ولا حراماً المهم أن يكون العمل الذي يعمله الإنسان عملا شريفاً يراعي فيه شرع الله سبحانه وتعالى ونهج نبيه محمد (ص) ولا يسعني في نهاية هذه السطور المختصرة إلا أن اذكر نفسي وإياكم بالحكمة التي تقول (من جد وجد ومن زرع حصد ومن سار على الدرب وصل).

العمل عباده

لقد رفع الإسلام من شأن العمل، حيث جعله بمنزلة العبادة، التي يتعبد بها المسلم ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى، بل بلغ من إجلال الإسلام للعمل ما جاء في الأثر (إن من الذنوب لايكفرها إلا السعي في طلب المعيشة) ابن عساكر عن أبي هريرة، لأن طلب الرزق من القضايا الهامة في حياة الإنسان إن لم يكن أهمها.

وإذا كان الرزق من عند الله، فليس معنى هذا أن يتكاسل الإنسان ويترك العمل، لأن الله سبحانه وتعالى، حثنا على العمل، لتعمير الأرض وكسب الرزق، وأمرنا بأن ننطلق سعياً للحصول عليه، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) سورة الملك الآية 15.

إن الإسلام يمقت الكسل، ويحارب التواكل ولا يريد أن يكون المؤمن ضعيفاً فيستذل أو محتاجاً فيطمع، أو متقاعساً فيتخلف، كما ينفر الإسلام من العجز ومن الإستكانة إلى اليأس وتيسير الله للعبد أن يحصل على نتيجة عمله هو تشريف لكفاحه، وتقدير إلهي له، أشبه بوسام تضعه السماء على صدور العاملين، في استصلاح الأرض، واستخراج خيراته.

لقد وردت في القرآن الكريم والسّنة النبوية أمثلة تؤكد هذا المعنى وقيمته، وتصف الأنبياء والرسل عليهم السلام بأنهم كانوا ذوي حرف وصناعات بالرغم من مسؤولياتهم المهمة في الدعوة إلى الله الواحد لأنه تعالى قد اختارهم أن يحترفوا، وأن يكتسبوا قوتهم بعرق جبينهم، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود ـ عليه السلام ـ كان يأكل من عمل يده) رواه البخاري، لأن الإسلام لا يعرف الطبقة التي ترث الغني والبطالة، لأن المال لايدوم مع البطالة، كما أن شرف العمل ناتج من شرف الدعوة إليه، وهو وسيلة إلى استدامة النعمة، وإشباع الحاجات، وما دام هذا هو الهدف من العمل فإن الحرفة اليدوية لا تقل أهمية عن العمل العقلي، لأن الهدف لدى المحترف والمفكر والعالم واحد، ولذا نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه ابن عمر ـ رضي الله عنهم: (إن الله يحب المؤمن المحترف) ويقول فيما روته عنه عائشة ـ رضي الله عنه: (من أمسى كالاً من عمل يده أمسى مغفوراً له) رواه الطبراني.