في حين ينظر العالم للانطوائية نظرة سلبية، يظن فيها أن الانطوائيين أشخاص منعزلين، مملين، مكتئبين، غريبين أطوار، خجولين ولا يمكنهم التحدث بشكل جيد، بحيث يصورون الانطوائية على أنها مشكلة يجب أن يتخلص منها أصحابها، قدم مسلسل مذكراتي التحريرية نظرة مختلفة للأمر، حيث دعا للتخلص من عبء محاولة التغيير لملائمة المعايير وتغيير نظرة المجتمع حول الانطوائية، وتعامل معها على أنها أسلوب حياة ونمط شخصي يفضل البعض أن يعيشه ويستمتع به، وليس لأن طريقة استمتاعهم مختلفة ومقدار تواصلهم أقل هذا يعني أنه هناك خطب غير طبيعي عليهم بعلاجه، هم فقط يفضلون الأوساط الصغيرة ويرتاحون مع عدد قليل من الأشخاص ويفضلون التركيز على ما يهتمون به حقًا بعيدًا عن التفاهات أو ما يجدونه سطحي من وجهة نظرهم، ولو نظرنا لمنطقهم لوجدنا أنه أفضل للنفس على المدى الطويل. فما رأيكم؟
مسلسل مذكراتي التحريرية: الانطوائية ليست مشكلة لكي نحاول التخلص منها.
فالعزلة من وجهة نظري اختيار واع أو ميل طبيعي للعيش بطريقة أكثر هدوءًا وتركيزًا على الذات،
لا أعتقد هذا، الإنسان كائن اجتماعي بطبعه فحتى الانطوائيين يتواصلون ويبنون علاقات ويهتمون جدا بها ولكن طريقتهم مختلفة، لذا خيار العزلة ليس طبيعي وقد يكون ناتج عن صدمات نفسية قوية كالخذلان والهجر والخسارة وغيرهم جعلت من الإنسان غير آمن وغير مرتاح للتواجد وسط الناس، وهذا يحتاج لعلاج نفسي لأنه قد يتطور للاكتئاب أو يؤثر على تطور حياة الشخص ونموه بشكل عام.
أما الانطوائية المقلقة فهي خوف غير مبرر.
أفضل تسميتها بأشياء كثيرة بعيدا عن الانطوائية حتى لا نقع في فخ الخلط بين الحالات المختلفة، كمشكلة قلة ثقة أو خوف من الرفض وهذا يحدث لعدة أسباب منها التعرض للتنمر أو التقليل والاستخفاف بالمشاعر والأفكار أو الإهمال النفسي بالأخص لو تعرض الإنسان لكل هذا في مرحلة الطفولة ومن قبل أهله في المقام الأول.
لذا خيار العزلة ليس طبيعي وقد يكون ناتج عن صدمات نفسية قوية كالخذلان والهجر والخسارة
العزلة اختيار في وقت كثير، وليست دائمًا خيارًا غير طبيعي.
قد أشعر أحيانًا أنني بحاجة إلى الابتعاد عن الضوضاء اليومية، وأن أكون بمفردي مع أفكاري ومشاعري. العزلة تمنحني فرصة للتفكير العميق وإعادة تقييم أولوياتي. قد تكون وسيلة لتجديد الطاقة، وأحيانًا تكون الطريق الوحيدة للتركيز على ما يهمني حقًا.
ما تشير له هو صفات الشخصية الانطوائية، أما ما أتحدث عنه هو الانعزال التام لفترات طويلة والذي يحدث بسبب اضطرابات نفسية، لهذا من الضروري الفصل بين الانطوائية كنمط وسماتها، وبين العزلة أو الانعزال الاضطراري لأنه لا علاقة له بالانطوائية. الخلط بين الاثنين يضر بصورة الشخص الانطوائي.
هل من الممكن أن توضحي أكثر الفروقات بينهم؟
لأنني حقيقةً لا أرى أن العزلة دائمًا ما تكون نتيجةً لضغوط من المجتمع كما ذكرتُ.
الانطوائي لا ينعزل بشكل تام أو دائم هو يتواصل يوميا ولديه محيط خاص به يشاركهم الأحاديث والتجارب أي ببساطة لديه حياة إجتماعية كالاجتماعيين ولكنها صغيرة ويحتاج من وقت لآخر لقضاء الوقت بمفرده فقط ليعيد ترتيب مشاعره أو أفكاره ومن ثم يعود مجددا، أما المنعزل نتيجة مشكلات أو ضغوط نفسية فهو الذي يعيش بشكل مستقل تماما، لا أصدقاء، لا تواصل إلا نادرا ومضطرا، ستجده يجلس بمفرده دائما لا يبادر بالحديث ولا يشجع أي شخص يتحدث معه على إكمال الحديث، هذا الشيء قد يصيب الانطوائيين والاجتماعيين على حد سواء لأنه غير مرتبط بنمط الشخصية ولكن في الظروف التي قد يتعرض لها الشخص، ولهذا قد تجد فجأة شخص نشيط واجتماعي قد تحول للنقيب تماما ودائما بمفرده، هذا بنسبة كبيرة بسبب تعرضه لصدمة أو ضغط نفسي كموت شخص غالي عليه مثلا.
التعليقات