بسم الله الرحمن الرحيم

علم الشدَّة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد،،،

إن علم الشدَّة أزعم فيه أنَّ كُلَّ فرد لديه نصيبٌ من الشدَّة يجب عليه أن يحصل عليه أو يُصيبه، ثمَّ وبعد ذلك تأتيه فترة الرخاء فيعيشها وتظهر بعد فترة في المستقبل فترة الشدَّة التي تنتظره، ليكرر عيش فترة الشدَّة من جديد، أي إن بعد الرخاء شدَّة وبعد الشدَّة رخاء وبعد الرخاء الثاني شدَّة أخرى وهَلُمَّ جَرَّا.

وحتَّى لا تأتي الشدَّة في مُعظمها مُجتمعة ومُتماسكة وثقيلة في وقتٍ واحد وهو وقت الشدَّة، يجب على الفرد أن يُخفّف هذه الشدَّة التي تنتظره في المستقبَل، ليستنفدها رويداً رويدا، حتَّى عندما تأتي فترة الشدَّة القادمة تكون الشدَّة قد نفدت وانتهت وتلاشت ولم يعد يبقى منها شيء فيُواصل الفرد فترة الرخاء ويصلها بفترة الشدَّة النافدة ثم يصلها بفترة الرخاء التي بعدها، ثم سيجد نفسه مجدداً ينتظر فترة شدَّةٍ أخرى عليه أن يستنفدها كما فعل بالتي قبلها.

ولأجل أن يستنفد الفرد الشدَّة التي تنتظره في المستقبَل، عليه أن يستنفدها بشروطه، وذلك عن طريق التفاعل مع الأحداث والأخبار وكُل ما يشاهده ويسمعه من قصص مؤثرة، فيشعر بالتعاطف مع المتضررين في الأحداث والقصص، فقد يحزن على قصَّةٍ حزينة أو يتأثَّر لدى مُشاهدتها أو سماعها فكُلُّه يُعد نوع من التعرُّض للأذى مما يعني أنَّه يستنفد بالفعل الشدَّة من المُستقبَل، ويستعجل حضور جزء منها إلى الحاضر فيُخفّف على نفسه مقدار الشدَّة التي تنتظره في المُستقبَل، بالأمور المؤقَّتة والمحدودة التي يتحمَّلها في الحاضر.

وهناك طريقةً أخرى وهي مساعدة المتضررين في القصص التي يتأثَّر بها فيُشارك فيها، ومن شأن مساعدته للمتضررين أن يجعله يستنفد من الشدَّة أيضاً. وإن لم يجد طريقة للمشاركة في هذه القصص التي يسمعها أو يراها فيمكنه أن يبحث عمَّا يُشابهها في الواقع إن كان شاهدها في الأفلام أو الروايات أو كانت حقيقية ولكنه عجز عن إيصال المساعدات للمتضررين، فيمكنه أن يبحث في موطنه عن من تضرَّر بمثل تلك الأضرار فيُساعدهم وذلك قد يكون عن طريق الجمعيات الخيريَّة.

وهناك طريقة أخرى يمكن للفرد أن يتّبعها وهي أنه وبعد مُشاهدة الفيلم أو المسلسل أو الأخبار أو ما شابه يقوم بالتفكير بالطرق التي يمكن أن يساعد بها المتضررين في قصَّة الفيلم أو الخبر، ثم يقوم بهذه المساعدة عن طريق فنّ ضوء القمر وينوي أن تصل لمن هم في الواقع في مثل حال المتضرّرين في الفيلم أو الخبر، فتصِل المساعدة لهؤلاء الأفراد الحقيقيين في الأرض الذين تشبه قصصهم قصة الفيلم أو الخبر، فإن أراد مثلاً أن يتصدَّق على أحدهم بـ ( 100 ) دولار فكُل ما عليه هو أن ينوي إعطاء هذا الفرد المجهول والحقيقي والتي تشابه قصّته قصة البطل في الفيلم ( 100 ) دولار عن طريق تأديته بفنّ ضوء القمر، فسيتسبب فنّ ضوء القمر بإحضار هذه الـ (100 ) دولار إلى الرجل أو إلى أي فرد له نفس الوضع أو الحال في الفيلم، وذلك عن طريق إصلاح الآخرين الذين قد يصادفونه ليتصدّقوا عليه بهذه الـ (100) دولار أو يُسيّره إلى من يُريد تشغيله بـ (100) دولار أو أي شيء آخر يمكنه أن يحصل به على الـ (100) دولار، وليس على الفرد أن يقرّر أي هذه الطرق ستصل بها الـ (100) دولار ولكن كل ما عليه هو أن يؤدي فنّ ضوء القمر بنيَّة إعطاء المتضرّر الـ ( 100 ) دولار.

ومما يستنفد الشدَّة أيضاً هو العمَل، فالعمل يستنفد الكثير جداً من الشدَّة أيًّا كان ذلك العمَل الحلال، ومنه أيضاً العمل بفنّ ضوء القمر، ليُخفّف به الفرد العمل الذي لديه، أو الذي لدى الآخرين، وغالباً أنَّ ما يستنفد الشدَّة هو كُلّ أمر يُشعر الفرد بالتعب والإرهاق أو يؤذيه بطريقة أو بأخرى إما من حزن أو تعاطف أو تأثّر أو أي شيء قد يُشعره بالضيق… هذا والله أعلَم والسلام.