وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ (4)
عبدة المثناة وأتباع الكهنوت يقولون أن :
*وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ (4) .
ما ينطق محمد عليه الصلاة والسلام أي شيء عن الهوى بل هو وحي من الحي القيوم ، وهذا تفسير خاطئ ومضلل ويخالف العديد من الآيات القرآنية كما سأوضح .
أكثر ما عجبني أن البخاريون وإخوانهم لأول مرة خالفوا بعض آلهتهم ( المفسرين ) أمثال القرطبي والطبري ، إذ يقولان :
الطبري : وما ينطق محمد (ص) بهذا القرآن عن هواه ، ويقول ما هذا القرآن إلا وحي يوحى من الله عز وجل ويوحيه لعبده عليه الصلاة والسلام .
القرطبي : قال قتادة ؛ وما ينطق محمد (ص) بالقرآن عن هواه وقيل عن الهوى أي بالهوى .
لماذا قام الكهنوت بتحريف معنى الآيات الكريمات :
_ يحاولون إعطاء النبي عليه الصلاة والسلام صفات الألوهية وإعلاء شأنه لمساواته برب العرش الكريم ، فالقدسية لله عز وجل فقط .
_ يحاولون إقناع الناس أن كتب المثناة هي وحي من ذو الجلال والإكرام وهذا محال .
_ يحاولون إقناع الناس أن محمد عليه الصلاة والسلام هو خير المخلوقات وخير الرسل ، والله عز وجل نهى الناس عن التفريق بين رسله .
_ محاولة إقناع الناس أن ما قامت به الدولة الأموية هو من الدين ، لذلك صادر الخليفة الأموي كتاب الله عز وجل لأنه يناقض أفعاله جملة وتفصيلا .
آيات توضح أن التنزيل الحكيم ليس قول النبي (ص) متبعا هواه :
إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ ۚ قَلِيلًا مَّا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ (42) تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (43) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47) . الحاقة .
وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ (25) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ (27) . التكوير .
الأدلة التي توضح أن النبي (ص) ليس معصوم خارج مقام الرسالة :
- إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا (1) لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا (2) . الفتح .
_ الآيات توضح أن النبي (ص) له ذنوب متقدمة ومتأخرة ، فهل الله عز وجل - وحاشاه - سيوحي لرسوله (ص) بأن يقول أو يفعل شيء فيه ذنب ؟ ومن يقول أنها وحي فهو يشكك في مصدر الوحي والعياذ بالله .
- وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ۖ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (37) . الأحزاب .
_ كيف للنبي (ص) أن يخفي شيئا في قلبه لو كان وحيا ؟ وكيف للنبي (ص) أن يخشى الناس أكثر من خشية الله عز وجل وهو تحت تأثير الوحي ؟.
- عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (43) . التوبة .
_ كيف يعاتب الله عز وجل رسوله على شيء هو وحي منه ؟ مستحيل إلا إذا كان ما قام به محمد (ص) ليس وحيا وهذا هو الحق .
- عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ (1) أَن جَاءَهُ الْأَعْمَىٰ (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَىٰ (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَىٰ (5) فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّىٰ (7) وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَىٰ (8) وَهُوَ يَخْشَىٰ (9) فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ (10) . عبس .
_ هل حينما عبس النبي (ص) عندما جاءه ابن أم مكتوم كان وحيا من الله عز وجل ؟ وكيف لله عز وجل أن يعاتب النبي (ص) على فعل هو وحي منه سبحانه وتعالى ؟ إلا إذا كانت الفعلة ليست وحيا وهذا ما نفهمه من سياق الآيات .
- يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ۖ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (1) . التحريم .
_ هذه الآية لوحدها توضح أن ما يفعله ويقوله النبي (ص) ليس وحيا ، وهذه الآية توضح الفرق بين مقامي النبي والرسول . فالرسول معصوم في مقام الرسالة فقط أما خارج هذا المقام فهو مجتهد يصيب ويخطئ كما أخطأ النبي في هذه الآية .
الآيات التي توضح أن النبي (ص) ليس معصوما خارج مقام الرسالة عديدة ، وهناك أحاديث توضح ذلك مثل حديث تلقيح النخل.
لو كان كل أقوال وأفعال النبي (ص) وحي لما توعده الله عز وجل رسوله في حال تقوله عليه بقطع الوتين منه .
- وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47) . الحاقة .
آيات سورة النجم مكية ، ونزلت لتبين للناس أن ما يتلوه محمد (ص) هو التنزيل الحكيم الموحى من العزيز الجبار .
كتاب الله عز وجل هو قوله سبحانه وتعالى ونطق به النبي محمد (ص) ، ولا يمكن أن نقول ، قال محمد (ص) : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) } ق . إنما نقول ، قال الله عز وجل : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) } ق .
من يقول أن كل أفعال وأقوال النبي (ص) هي وحي من الخالق البارئ عن جهالة وعدم معرفة فمن الأفضل أن ينتهي عن ذلك ، أما من يقول ذلك ليضل الناس عن سبيل الله عز وجل فانصحه بأن يراجع نفسه قبل مجيء يوم سيندم فيه على ما فعل وما قال .
أسامة فاخوري
باحث ومفكر إسلامي .
التعليقات