بين الشماتة والشفاء: فهم دقيق للمعاني

يقول النبي ﷺ: "لا تظهر الشماتة بأخيك فيرحمه الله ويبتليك"، وهذا تحذير واضح من الفرح بمصيبة الآخرين، لأن الله قد يقلب الحال، فيرفع من كنت تشمت به، ويبتليك بنفس ما شمتّ فيه.

وفي المقابل، نجد في القرآن الكريم قوله تعالى: "ويشف صدور قوم مؤمنين" (التوبة: 14)، حيث يخبرنا الله عن تحقيق النصر والعدل الذي يُثلج صدور المؤمنين، فيكون شفاءً لهم مما أصابهم من الظلم والقهر.

فما الفرق بين الحالتين؟

1. الشماتة: فرح مذموم

الشماتة هي السرور بمصيبة تقع على أحد، حتى لو لم يكن ظالمًا. وهي نابعة من الحقد أو الغيرة، وفيها استعلاء غير محمود، وكأن الشامت يرى نفسه في مأمن من البلاء. لذلك، يحذّرنا النبي ﷺ من هذا الشعور، لأنه قد ينقلب على صاحبه، فيصيبه ما أصاب غيره.

2. الشفاء: انتصار للحق

أما شفاء الصدور، فهو الفرح الذي يأتي بعد رفع الظلم وانتصار الحق. عندما يُؤذى المؤمنون، ويُسلَّط عليهم الظالمون، فإن زوال الظلم وإحقاق العدل يُشعرهم بالراحة، وكأن قلوبهم قد شُفيت من الألم. الفرق هنا أن هذا الفرح ليس مبنيًا على الحقد، بل على رؤية العدل يأخذ مجراه.

الفرق الجوهري

  • الشماتة: لا ترتبط بميزان العدل، بل تكون تجاه أي شخص، حتى البريء.
  • شفاء الصدور: لا يكون إلا في رفع الظلم وانتصار الحق.

لذلك، على المؤمن أن يكون ميزانه العدل، فلا يشمت بالمبتلين، بل يدعو لهم بالفرج، وفي الوقت نفسه، يفرح بزوال الظلم لا لمجرد سقوط الأشخاص، ولكن لإقامة الحق ونصرة المظلومين.