اقتلوا المرتد !!

بقلم - ماهر عساف

  وانت تقرأ عن تاريخ الردة في عهد صحابة الرسول الكريم ، يتولد لديك يقين ان المرتد يقتل في الإسلام ، وان هذا الأمر اصبح من المسلمات في الإسلام ، ولا بد ان الله سبحانه امر بقتل المرتد ، وانزل ايات بينات في ذلك ، لأن الأحكام الشرعية تنبع من كتاب الله ، خاصة احكام التي تتعلق بالموت .

 وحين وضعنا الآيات التي تتحدث عن الردة والمرتد على طالولة البحث والتدبر وجدنا شيئا اخر مختلفا عما يقوله الفقهاء ، فلو نظرنا لجميع الآيات فقد جاءت ايات الردة والارتداد في أربعة مواضع في كتاب الله ، في سورة البقرة وسورة آل عمران وسورة المائدة وسورة محمد ،وها هي الآيات

1.ۚ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِۦ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌۭ فَأُو۟لَٰٓئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَٰلُهُمْ فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلْءَاخِرَةِ ۖ وَأُو۟لَٰٓئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ ( البقرة 217)

2. يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِۦ فَسَوْفَ يَأْتِى ٱللَّهُ بِقَوْمٍۢ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُۥٓ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلْكَٰفِرِينَ يُجَٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَآئِمٍۢ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ ۚ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٌ ( المائدة 54 )

3. إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ بَعْدَ إِيمَٰنِهِمْ ثُمَّ ٱزْدَادُوا۟ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلضَّآلُّونَ ( ال عمران 90 )

4. إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱرْتَدُّوا۟ عَلَىٰٓ أَدْبَٰرِهِم مِّنۢ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَى ٱلشَّيْطَٰنُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَىٰ لَهُمْ (25) ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا۟ لِلَّذِينَ كَرِهُوا۟ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِى بَعْضِ ٱلْأَمْرِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ ٱلْمَلَٰٓئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَٰرَهُمْ ( محمد 27 )

ففي سورة البقرة أشار الله الى عقوبة المرتد في الآخرة ، ولم تشرع الآية عقوبة ننفذها بحق المرتد في الدنيا ، وفي سورة آل عمران بين الله ان الردة ستؤدي الى استبدال الله للمجتمع بقوم يحبهم ويحبونه وقدم لهم اوصافا خاصه ، وفي الآية الثالثة التي تتحدث عن الكفر بعد الإيمان وان من ضل بعد ايمانه فهو من الضالين ،وفي الآية الرابعة لم تقدم الآية اية عقوبة .

وحين نتكلم عن كتاب الله الذي حوى الشريعة الإسلامية في أصولها العامة وفروعها التفصيلية ولا نجد أي عقوبة دنيوية للمرتد عن الإسلام ، وان الله لم يقرر بان المرتد يقتل كما هو شائع بين الناس في ازمنة متعاقبة ، نقول ان هناك امرا يحتاج للتحقق والبرهان العلمي الشرعي الذي تقوم به الأحكام الشرعية .

والقرآن وضعا لنا منهجا واضحا في الحريات خاصة في حرية الإعتقاد ، وجعل المس بهذه الحريات شكلا من اشكال الشرك ، يقول سبحانه : ( لَآ إِكْرَاهَ فِى ٱلدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَىِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِٱلطَّٰغُوتِ وَيُؤْمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَا ۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) سورة البقرة 256

وهذا يعني ان لا هي نافية للجنس ، وان جنس الإكراه غير موجود في الدين ، فان وجد الإكراه في الدين ، بطل الدين ، واستحال الى طاغوت ، يسلب حريات الناس ويكرههم على معتقدات هم لا يؤمنون بها وهذا هو بعينه انتقاض لعقيدة التوحيد التي قامت على حرية الإختيار .

وأول طريق الرشد والإيمان والتوحيد هو الكفر بالطاغوت ، والطاغوت هو من يكره الناس على اعتناق الإسلام ، فكيف يصح اعتناق الإسلام عن طريق الإكراه ، وقد وصف الله عملية الإكراه بالطاغوت ، فالإيمان بالله يحتاج الى حرية تامة واختيار لحقائق الإيمان والإقتناع بها عن رضى ذاتي وطيب خاطر وليس بالترويع والتخويف والإكراه .

وقد أشار القرآن الى التخيير بين الإيمان والكفر ( وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ ) الكهف 19

وحين نقرأ القرآن بفهم يقوم على وعي لغوي سليم ، وندرك ان كلمة عبدَ في كتاب الله هي من الفاظ التضاد ، أي تحمل المعنى وضده ، فـ "عبد" تعني طاع وتعني عصا والدليل قوله تعالى : (قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدٌۭ فَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلْعَٰبِدِينَ ) الزخرف 81

والمعنى يستحيل ان يكون للرحمن ولد ولو كان فانا اول العاصين ، وعلى هذا فان الله خلق الإنسان واعطاه حرية الإختيار بين الطاعة والمعصية الإيمان والكفر .

وحين يحدث أي اختلاف بين الناس فان الشيطان ينزغ بينهم بتزيين الباطل باستخدام أساليب شيطانية مختلفة ومنها ، استخدام مفهوم الردة الشائع هذه الأيام وهو ينطوي على مغالطات واخطاء شرعية بالغة الخطورة على السلم الأهلي والمجتمعات .

لانه اصل الفكر التكفيري ، والذي يستخدم مصطلح الردة او التكفير للتخلص من منافس او الحصول على مكاسب سيادية او مادية او فكرية .

فيكفر الناس بعضهم بعضا بناء على سلوك فيه شبهة ثم يصدرون احكاما بالكفر الردة على من يختلفون معه وبذلك يصلون الى اهدار دمه وقتله اما للحصول على مكاسب تتعلق بالحكم او مكاسب تتعلق بالمال والميراث باعتبار ان اختلاف الدين يمنع الميراث ، او للتخلص من خصوم سياسيين ، فيذهب البعض لبذل جهد كبير في اثبات ارتداد اقاربه عن الإسلام ليحظى بالتركة لوحده .