"فلما ضعفت أخلاق القرآن في نفوس أهله، لم ينفعهم العقل الذي أفادوه من استفاضة العلوم بينهم واستبحار فنونها، ولم يغن عنهم من الخلق شيئًا، بل كان لهم ما تم للدولة الرومانية في عصر الإمبراطورية الأول، الذي ترجع إليه أسباب المجد لهذه الأمة في العلوم والآداب، إذا امتاز بطبقات من النوابغ فيه، وترجع إليه كذلك أسباب انحلال هذه الدولة واضمحلالها معًا إذا كان لها يومئذ من ضعف الخلق أكثر مما كان لها من قوة العقل، والبناء إذا نهض وطال إلى ما لا يحتمله الأساس، فإنه يعلو غير أن علوه لا يكون من بعد إلا سببًا في سقوطه!"