عُرضت عليّ دعوى مدنية عندما كنت قاضياً في المحكمة الابتدائية بسمائل بسلطنة عمان، كانت تتضمّن طلب منع مشتريين من استخدام حوض ولجل يستخدمان في سقي مزروعات، فكانت خلاصة السند في الحكم أنّه "من المقرّر قانوناً طبقاً للمادة (973) من قانون المعاملات المدنية أنّ "الارتفاق حق مقرّر لمنفعة عقار على عقار مملوك لآخر"، وطبقاً للمادة (975) أنّه "1-تكتسب حقوق الارتفاق بالتصرف القانوني أو بالإرث. 2-لا تكتسب بالتقادم إلا حقوق الارتفاق الظاهرة بما فيها حق المرور والمجرى والمسيل"، وطبقاً للمادة (976) أنّه "إذا أنشأ مالك عقارين منفصلين ارتفاقاً ظاهراً بينهما بقي الحق إذا انتقل العقاران أو أحدهما إلى أيدي ملاك آخرين دون تغيير في حالتهما ما لم يتفق على غير ذلك"، وطبقاً للمادة (1005/1) أنّه "إذا جزّئ العقار المنتفع بقي حق الارتفاق مستحقاً لكل جزء منه على ألا يزيد ذلك في أعباء العقار المرتفق به"، وطبقاً للمادة (990)أنّ: "1-حق المجرى هو حق مالك الأرض في جريان ماء الري في أرض غيره لتصل من موردها البعيد إلى أرضه، 2-إذا ثبت لأحد هذا الحق فليس لملاك الأرض التي تجري فيها هذه المياه منعه"، كما أنّه ورد في درر الحكام شرح مجلة الأحكام لعلي حيدر 3/259 ما نصّه: "إذا كان لأحد جدول أو مجرى ماء في عرصة أو منزل آخر جارياً من القديم بحق فليس لصاحب العرصة أو المنزل أو مشتري العرصة أو المنزل إذا باعها صاحبها منعه قائلا: لا أدعه يجري فيما بعد"، وجاء فيه 3/253: "المادة ( 1224 ) يعتبر القدم في حق المرور وحق المجرى وحق المسيل، يعني تترك هذه الأشياء وتبقى على وجهها القديم الذي كانت عليه حيث إنه بحكم المادة السادسة يبقى الشيء القديم على حاله ولا يتغير ما لم يقم دليل على خلافه"، ومن المقرّر عملاً بالقاعدة الشرعية المستقاة من الحديث الشريف أن "البيّنة على المدعي واليمين على من أنكر"، فعلى المدعي في حال إنكار خصمه إثبات دعواه بالبيّنة المعتبرة، ومنها شهادة الشهود، وإلا كان له الحقّ في الاحتكام إلى ضمير خصمه بتوجيه اليمين الحاسمة إليه في الأحوال التي يصح فيها ذلك، فإن حلف خسر المدعي دعواه وإلا حكم للمدّعي بما يدّعي على القول المعتبر عند أهل العلم ما لم يردّها المدعى عليه إلى المدعي، وعلى هذا جاءت المواد (1) و(67) و(74) و(75) من قانون الإثبات، ومن المقرّر فقهاً أن الإقرار حجة شرعية إن صدر من كامل الأهلية مختاراً غير متهم في إقراره لقوله تعالى: : (ياأيُّها الذين ءامنوا كونوا قوَّامين بالقسطِ شهداءَ لله ولو على أنفسكم) النساء: من الآية 135، قال المفسرون: شهادة المرء على نفسه هي الإقرار، وأكّد ذلك المواد (57-60) من قانون الإثبات.
لمّـا كان ذلك وكان الثابت بالأوراق بيع المدعي للمدعى عليها الأولى جزءً من وقيفه، وبيعه للمدعى عليه الثاني جزء من الوقيف نفسه، وأنّ البيع كان مع الشرب المعتاد وبجميع الحقوق، وكان الثابت أنّ هذين الجزأين يشربان من البئر الواقعة في وقيف المدعي، بأن تنزح المياه من البئر ثم تتجمع في الحوض ثم اللجل ثم الساقية، فيثبت لهما بعد التجزئة حق المجرى الذي هو جريان المياه في الحوض واللجل والساقية التي هي جميعاً في وقيف المدعي، فبانتقال هذين الجزأين إلى المدعى عليهما بالشراء ينتقل الحق كذلك ما لم يتمّ الاتفاق على غير ذلك، ولم يدّع وكيل المدعي الاتفاق على خلاف ذلك. وليس في الإقرارين المذكورين ما ينصّ على خلاف ذلك، بل فيه أنّ البيع كان بجميع الحقوق، وقد تقرّر أن من الحقوق حق المجرى، وعليه يثبت للمدعى عليهما حق استخدام الحوض واللجل، فقضت المحكمة برفض دعوى المدعي.
يمكنك أخي الكريم الاطلاع على تفاصيل الحكم على الرابط الآتي: