لفتت نظري صورة اللاعب الاسترالي الذي يربط حذاء طفل مصاب .. فالتعليقات عليها (من العرب) كلها تعبر عن الدهشة و الاعجاب الشديد جدا جدا بهذا اللاعب .. و تسبغ عليه صفات رائعة من التواضع و الرحمة و رقة القلب ... في حين أن هذا تصرف عادي جدا عند الأجانب إلا أنه طبعا تصرف يترفع عنه العرب !! فلينقلب الطفل على وجهه أو يقع فيكسر ذراعا او ساقا أو يصدم وجهه بالارض فيصاب بجروح خطيرة .. كل هذا غير مهم .. لكننا نحن العرب لن نفقد هيبتنا و وقارنا و احترام الاطفال لنا لننحني فنربط احذيتهم !! في نفس الوقت الذي نعجب جدا نحن العرب بمن يفعل ذلك من الاجانب !!

في الحقيقة أن الموضوع لا علاقة له بالتواضع .. و تعتبر زميلاتي من المعلمات الأجنبيات ان ربط رباط الحذاء المفكوك للطفل من أهم قواعد السلامة و الأمان التي يجب أن تراعيها أي معلمة .. و انا شخصيا افعل ذلك بلا اي غضاضة .. بل و تعلمه الأطفال أيضا فصار مشهدا عاديا للغاية أن تجد طفلا في الصف السادس يربط حذا طفلا أصغر منه أو حتى في سنه لكنه مازال لا يجيد ربط رباط الحذاء .. و الاطفال لا يعتبرون معلمتهم (سواء كانت عربية أو اجنبية الجنسية) لا يعتبرونها خادمة لهم اذ تربط لهم أحذيتهم .. و الأطفال يستمتعون بتعليم بعضهم البعض كيفية ربط رباط الحذاء .. لأن الكل يعلم نتيجة ترك الرباط مفكوكا .. يعني أن الطفل معرض في أية لحظة لإصابة خطيرة !!

لكن جرب أن تطلب ذلك من معلمة عربية الجنسية (اتحدث عن المدارس الحكومية او الخاصة التي لا يوجد بها اجانب ) .. جرب أن تخبرها أن طفلك لا يجيد ربط حذائه و أنه يتعثر كثيرا بسببه و ترجوها أن تربطه له كلما رأته مفكوكا .. أو فليجرب طفل ان يسأل زميله ان يساعده على ربط حذائه أو حتى يعلمه ذلك ... بالطبع يمكنك توقع رد الفعل :) أشد المعلمات رقة و أدبا ستطلب منك أن تشتري لطفلك حذاء بدون رباط :) (ملحوظة : الأحذية ذات الأربطة أكثر أمانا للطفل لأنها لا تنخلع من قدمه بسهولة )

فلماذا نحن هكذا ؟؟ لماذا لا يهمنا أن يصاب الطفل الصغير و نعتبر أن ربطنا لحذائه هو حط من شأننا و إهانة لكرامتنا ؟؟ هل يوجد بين قارئي هذه السطور من يُجلس طفلا بجانبه (ليس ابنه او اخيه) و يطلب منه أن يعطيه قدمه ليربط له الحذاء ؟؟ :)