تابع المهتمين بالعلوم والتكنولوجيا مؤخرا الجدل الكبير بين اثنين من أكبر داعمي التطور التكنولوجي في القرن الحالي واختلاف اراءهم حول اذا كان تطور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والروبوتات سوف تؤدي إلي إنهاء الحياة البشرية أم لا، إيلون موسك وهو المليادير الجنوب أفريقي -الذي تتجاوز ثروته ال 15 مليار دولار و المدير التنفيذي لشركة السيارات الكهربائية تيسلا و مؤسس شركة سبيس اكس للصواريخ- قد حذر في منتصف هذا الشهر في ندوة لمناقشة التطور السريع للذكاء الإصطناعي بقوله "بعض الناس لا تعي بالظبط ماذا هم فاعلون حتي يروا بأعينهم الإنسان الألي يقتل الناس في الشوارع" وقد علق الملياردير الأمريكي مؤسس الفيسبوك مارك زوكربيرغ -التي تتجاوز ثروته ال53 مليار دولار- بأن كلام موسك مجرد مشاعر سلبية ومخاوف مما يسمي نهاية العالم و أنه شخصيا لا يعتقد أن ما يتكلم عنه موسك قد يحدث علي أرض الواقع. و قد قام موسك بالرد باستخدام حسابه الرسمي علي تويتربأن فهم مارك للموضوع محدود.

ما هي الحقيقة و إلي أين يذهب بنا التطور السريع و الغير مدروس لعلوم الروبوتات والذكاء الأصطناعي؟

في 14 يوليو الحالي كتب مارك ويلسون في موقع شركة فاستكو ديساين عن قيام فيسبوك بإغلاق برنامج لتطوير الذكاء الإصطناعي عن طريق الروبوتين "بوب" و "أليس"، فلقد أكتشف المبرجمون أنهم أغفلوا وضع قيود لمنع الروبوتين من استخدام أي لغة أخري غير الأنجليزية مما أدي إلي أنهما قاما بتطوير لغة خاصة بهم و التي لم يستطع المبرمجون القائمون علي البرنامج فهمها أو فهم معاني كلماتها. لا يمكن لأحد أن يتخيل ما قد يحدث أذا لم يتم غلق هذا البرنامج ولكن الأكيد أنه خطير أن لم يعي علماء و مبرمجي الذكاء الإصطناعي ما يفعلون.

لقد بدأت بالفعل بعض الشركات بأستخدام برامج الذكاء الصناعي بشكل واسع و من الأكيد أنه بحلول عام 2025 سوف يكون لدي كل منا عدة أجهزة تستطيع التواصل ببعضها البعض بدون تدخل كبير منا ، فهناك من قاموا بتطوير تطبيقات للهواتف الذكية لتتعلم متي سوف ترجع إلي بيتك حتي يتم التواصل التلقائي مع باب جراج منزلك و إضاءة المدخل و حتي إعادة تسخين طعامك و تشغيل موسيقاك المفضلة، كل هذا بدون أي تدخل منك و قد أعتمد التطبيق علي عدة عوامل منها وقت ذهابك للمنزل مع تحديد موقعك وبعدك عن المنزل عن طريق خاصية ال جي بي أس، بل وقد بدأ المبرمجون في استخدام تطبيقات الذكاء الأصطناعي علي السيارات التي تسير بالقيادة الذاتية لمراعاة المسافات بين السيارات و الوقوف عند مناطق عبور المشاه، وهناك أيضا من بدء في تطوير بعض البرامج لجعلها تتوقع أسعار أسهم البورصة وحساب ربحية الأسهم و المقارنة بين التقارير المالية للشركات و مصانع قد بدأت بالفعل في الاستغناء عن الأيدي العاملة واحلالها بآلات حديثة تقترب نسبة خطئها من ال 0 في المئة، كل هذا وبجانب تطور الكمبيوتر وأجهزة المحمول الذكية فقد يعطيك لمحة عن كيفية تداخل هذه التكنولوجيا وتطبيقاتها في حياتنا ومدي تأثيرها علينا في أربعة جوانب هامة في حياتنا:

*أولا المهارات اليدوية:

فمنذ بدأ الخليقة وقد أصبحت حياة الانسان مرتبطة أرتباطا عميقاً بمهاراته اليدوية وكيفية ممارسته لها فمن الجمع والالتقاط لصيد الكائنات الشرسة أو الأكبر حجماً في عصر الإنسان الجاهلي حتي كيفية صناعة البيتزا أو قطع الأشجار للتدفئة في عصرنا الحالي، فقد اعتمدت كل الأنشطة بين العصرين علي مهارات الانسان ولكن مع وجود أجهزة تقوم بكل هذه الأعمال بشكل ذكي فما حاجة الانسان إلي معرفة كيفية صناعة البيتزا مثلا أذا كان هناك الة جاهزة لعملها في اي وقت وبالتالي سوف يخسر الأنسان مع الوقت هذه المهارات الأساسية

*ثانيا المهارات الأجتماعية:

و هي كيفية تعامل الأنسان مع بقية الناس من حوله ، فقد أسست الحياة الاجتماعية للانسان لتنظيم كيفية التواصل والتعايش مع أقرانه ولكن وبوجود الروبوتات الذكية سوف يقل التعامل بين البشر فبدلاً من أن تذهب للحصول علي أوراقك الشخصية من هيئة أو مصلحة حكومية يمكن للدرون الطائر الذكي أن يحضرها اليك حتي بدون أن تخرج من باب منزلك ، بعض الوظائف مثل مبرمجي الكمبيوتر ومصممي الجرافيك سوف يسمح لهم بالعمل من المنزل و قد بدأ عدد من الشركات بتوظيف بعد شاغري هذه الوظائف من الفري لانسرز الذين يتواجدون ببلدان اخري بالفعل و كلما زادت سرعات الانترنت ، ومساحات التخزين والنقل كلما أصبح سهلا علي العاملين بهذه الوظائف القيام بأعمالهم من المنازل ، مما يزيد من معدلات الأكتئاب و المشاكل النفسية المؤدية للانتحار.

*ثالثا اقتصاديا:

وبينما قد يبدو أن الوضع الأقتصادي في صالح الشركات والمصانع ولكن بالتأكيد الوضع الأقتصادي للأفراد سوف يكون سيئ جداً مما سوف يؤثلر لاحقا علي هذه المؤسسات الكبري، فمثلا عندما يقوم مصنع للسيارات بتسريح 30% من أجمالي عدد عماله، فكيف تصبح حياتهم و أذا أكتشفنا أن معظم المصانع الموجودة تتجه لنفس الأتجاه فما مصير جحافل الموظفيين الذين يتم تسريحهم و ما هو مستقبل أسرهم؟ ، أذا كنت تتخيل أن هذا لن يحدث فعليك أن تراجع نفسك و تقرأ عن ما حدث لمدينة ديترويت – أكبر مدينة في مجال صناعة السيارات الأمريكية- في ال 30 عام السابقة لتعرف مدي صحة التأثير الأقتصادي لتطور هذا النوع من التكنولوجيا وكيف اثر تسريح عدد هائل من العمال من هذه المصانع علي المستوي الاقتصادي للمدينة بحيث أصبحت تسمي مدينة الأشباح بعد أن كانت تسمي مدينة صناعة السيارات.

*رابعاً أمنيا:

داربا - وكالة مشاريع البحوث المتطورة الدفاعية التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية- عرفت داربا عالمياً من خلال أكبر انجازيين لها و هم اكتشاف وتطور الانترنت عام 1966 و الثاني هو اكتشاف وتطوير نظام الجي-بي-إس العالمي، ولكن مؤخرا قد أهتمت هذه الوكالة بتطويرالروبوتات واستخدامها للذكاء الصناعي و الأهم أن كل هذا التطوير في المجالات العسكرية وأستخدام الدرونات وغيرها من الألسلحة العسكرية فعلي سبيل المثال قد قامت الوكالة بتطوير برنامج "الياس" وهو "نظام عمل الطاقم الجوي الأتوماتيكي المساعد" يسهل للطيار تحديد الأهداف المراد القضاء عليها أو المهمات المراد تنفيذها، أما بالنسبة للأستخبارات الأمريكية فقد ظهر ما يسمي مبادرة كارديلو التي تقضي بأن تذهب 75% من أعمال محللي الأستخبارات إلي تطبيقات وبرامج الذكاء الصناعي التي سوف تقوم بجزء كبير من التحليل واعطاء بيانات، وبالتأكيد سوف تؤثر نتائج تحليلها علي حياة كثير من البشر.

و لذلك نجد أن التطور الغير واعي والغير مدروس لتكنولوجيا متطورة جدأ نعتمد عليها في شتي نواحي حياتنا العادية بالتأكيد سوف يمثل خطر علي وجودنا و سوف يهدد مستقبلنا. و كل المطلوب لتهديد البشرية هو مجرد الولوج ألي الانترنت عن طريق كابل انترنت او واي فاي يوجد في بيوتنا جميعا وتحت تصرف أطفالنا ليل نهار. أتمني أن تتجه الحكومات للتشديد علي تطوير هذه التكنولوجيا وتضع القوانين لمنع تطويرها خارج نطاق الأمان ، و ان تحاول الشركات استخدام هذه التكنولوجيا في مساعدة البشر فقط وليس احلال البشر واستخدام الالات بدلأ منهم. كما أتمني أن لا يتم استخدام هذه الروبوتات بذكائها الأصطناعي في هيئات أو وكالات حساسة مليئة بأحدث الأجهزة التي قد تهدد حياة البشرية في أي لحظة. فمع عدم سيطرتنا علي أي مدي قد تطور هذه الألات قدراتها العقلية و علي طريقة تواصلها مع بعضها البعض و بالتزامن مع وجود هذا الكم الكبير من الأجهزة الذكية في حياتنا و التي يزيد عددها كل يوم مجرد احتمالية خطأ صغير من أحد العاملين في هذه المؤسسات قد يحول حياتنا جميعا الي جحيم لا يمكن لأعظم كاتبي الأفلام تخيله. نعم وجود التكنولوجيا مفيد للبشرية مثلما فادتنا الحصول علي الطاقة من المفاعلات النووية بظبط ولكن من منا قد ينسي التجربة البشرية المريرة مع نفس هذه الطاقة عندما استخدمناها سابقا في الحروب.