بلمح البصر فتح لي شريط الذكريات، وتلى علي عقلي الاحداث حين رايت رسم الكاريكتور الذي يحمل المشهد الذي لم أخل يوما اننا سنسعى لحفظة، ومثله لا ينسى، مشهد الطفل محمد الدرة ووالده، وعلى الطرف الاخر الممرضة آية عبد الله وهي تنكمش على نفسها بذهول بأحد المشافي المصرية، ودون فوقها عبارة "الوطن العربي في عشرين سنة".

كيف حدث كل هذا يا الله، بل كيف احتملت عقولنا ان تصدقه من الأصل؟!، وأين عمرنا الذي حسبنا عليه الحلم حين رددنا الحلم العربي، وأين الحلم ذاته؟ كيف تسرب منا، او بالاصح كيف تسلل له اللصوص وسرب منا؟

في أي لحظة بالضبط قطعت الكهرباء عنا لتسهل مهمة سرقة الاكسجين فيموت حلمنا ونموت بموته؟.

في المسلسلات وفي الحلقات الاخيرة غالبا يأتي المؤلف بحدث من البداية يصله بطريقته بالاحداث، فيصل الى النهاية التي يعرفها مسبقا، لكني حقا لا ادري ما الحلقة التي يمكن ان يتم بها وصل الاحداث فنصل، ولا اعرف من اين بدأ الخطأ بالضبط فهو تاريخ طويل، ولكن اعرف ان هذا الامر لن يصلح آخره الا بما صلح به اوله.

والرسمة وان أبدت للعين شيء رآها العقل أشياء أخرى أعمق، وما راه العقل هو من أوصل العين للحال الذي رأت به ما رأت، فما رأى العقل الا أعداءه وسبب نكباته، وما رأى الا مصرا انقطع عنها الاكسجين فاختنقنا جميعا، ومصر تجلس منزويه لا قيام ولا قعود هو الانكماش والانزواء وقلة الحيلة، فشللنا جميعا، وذهول مما رأت حالها عليه، فذهلت وذهلنا كمن علم بالقيامة.

لا ادري ما حجم صعقة الكهرباء التي تحتاجها لتنهض، ولا كيف ومن اين يمكن أن تأتي الكهرباء بعد أن قطعت عمدا كي لا نرى سرقة الحلم، ولا نعلم إليه طريقا فنسترده، أم أن انقطاع الاكسجين بلحظة ما سيكن كفيلا بان ينهضها فتركض كالمجنون لتسعف نفسها بالهواء، فتلمس نورا لم تحسبه يضيئ لها فتهتدي لما ضلت عنه وأضلت، لكني أوقن بنهوضها، فيشتد عودنا جميعا .