بلا شك أنّ تنوع الثقافات والحضارات هي إحدى الأمور التي تجذب الأفراد للسعي لاكتشافها وأنا منهم، والفن هو القوى الناعمة وإحدى أهم الأدوات التي تصل بين الثقافات المختلفة بما فيها الفن السينمائي والمسارح والأعمال التلفزيونية، وبعد أنّ اكتسحت المسلسلات المكسيكية في تسعينات القرن الماضي، ومن ثمّ عمّ الفتور تجاهها، تربعت الدراما التركية على استحواذ الأفراد في المنطقة العربية، تلا ذلك الفن الكوري الذي حاز على إعجاب الملايين، فأثبت أحقيته في المنافسة بالمحافل الدولية حتى أطلق بعض المعجبين على هذه الفترة لقب "ربيع سيول"، نظراً لما حققته دراما كوريا الجنوبية من نجاح، بعد أنّ خاضت سنوات مريرة لا تُذكر، ومن وجهة نظري الشخصية، هناك الكثير من الأفلام الدرامية الكورية التي لاقت صدى جماهيرياً واسعاً، وتمّ الاقتباس منها في الدراما التركية والعالمية أيضاً، وهنا سأذكر 3 من تلك الأفلام التي حازت على إعجابي بشكل شخصي:

1- فيلم "ربيع، صيف، خريف، شتاء.. وربيع.." بدايةً، هذا الفيلم حقق العديد من الجوائز على المستوى المحلي بمهرجانات السينما لكوريا الجنوبية، ومن ثمّ على مستوى إقليمي وعالمي، حيث حاز على جائزة أفضل فيلم في مهرجان "بانكوك" الدولي، وجائزة أفضل فيلم في مهرجان فينيسيا لعام 2005م، إضافة إلى نيله رضا المشاهدين، ففي استطلاع رأي أُجري من قبل هيئة الإذاعة البريطانية" BBC" في عام 2016م حول أكثر الأفلام المؤثرة بصرياً على المشاهدين، تمّ اختيار هذا الفيلم ضمن قائمة أفضل فيلم في ذلك، كما أنّ الفيلم منذ إنتاجه عام 2003م حتى اليوم مازال يحظى بتقييم عالي جداً في موقع "IMDB" الشهير كأكبر قاعدة بيانات للأفلام إلكترونياً، بلا شك انّ كل ذلك قد يدفعكم لمشاهدته! تدور قصة الفيلم حول راهب كوري يعيش في معبد عائم على بحيرة معزولة ويعيش معه شاب صغير يريد أن يتعلم مبادئ الحياة من هذا الراهب، وبأسلوب فيه الكثير من الروحانية يتنقل الفيلم في سيرة ذلك الراهب المتفردة، بتعاقب الفصول المختلفة، المثير في الفيلم هو أنّه قد يبعث تساؤلاً في عقلك لم يرد إليه من قبل، وهو ، ما ضرورة الوقوع في الأخطاء كي تستمر الحياة؟!

 2- فيلم "الفتى العجوز" تمّ إنتاجه في عام 2003م، وحاز على 24 جائزة في العديد من المحافل الآسيوية منها جائزة أفلام هونج كونج كأفضل فيلم لعام 2005م، ولا يزال يحافظ حتى اليوم على تقييم 8،5 في موقع "IMDB"، وأعُيد إنتاج ذات الفيلم بنسخة أمريكية عام 2013م إلا أنّها لم تنل إعجاب المشاهدين! يحكي الفيلم الدرامي من نوع الجريمة، عن قصة رجل تمّ اختطافه لمدة 15 عاماً وبعد إطلاق سراحه، يبدأ في عملية البحث عن مختطفه ويتوجب عليه العثور عليه في 5 أيام فقط، وبالرغم من طابع الاثارة في الفيلم والكثير من المشاهد التي تحبس الأنفاس إلا أنّني أرى في الفيلم عُمقاً إنسانياً فريداً، فالفيلم يغوص في الحالة النفسية المعقدة لذلك الرجل بعد تلك التجربة المتأزمة، ويظهر ذلك من خلال تعابير وجه الرجل، حركة الكاميرا، المونولجات الداخلية وغيرها الكثير من الأمور التي أتقنتها النسخة الكورية وأظهرت لنا، كائن مشوه ومريض نفسي تحوّل للعنف، أما النسخة الأمريكية رُبما أظهرته كمجرم ناقم فقط!

 3- "قطار إلى بوسان" "الزومبي"، مادة شيقة يستخدمها كُتّاب السيناريوهات والمخرجين للخروج عن المألوف، والمخرج الكوري الجنوبي "يون سانغ هو"، استغلّ ذلك أيضاً لإخراج فيلم "قطار إلى بوسان" الذي حاز على أربعة جوائز كورية، وصُنف كأحد الأفلام الأكثر رعباً لعام 2016. تدور قصة الفيلم حول شخصية "سوك"، وهو مدير تمويل مُطلّق يأمل في توطيد علاقته مع ابنته المنعزلة، من خلال اصطحابها لزيارة أمها في "بوسان" عن طريق القطار في يوم عيد ميلادها، من وجهة نظري، الفيلم ليس من نوع الرعب الدموي فقط، بل يحوي على الدراما المبكية في بعض المشاهد، والكثير من الرسائل التي تخص نهاية العالم بموت الأفراد بعد انتشار ذلك الوباء!