ما قام به المخرج "جون فافرو" مدهش بشكل رائع في فيلمه الجديد الذي يعتبر إعادة مراجعة للراوية الشهيرة "كتاب الأدغال" للمؤلف "كيبلينغ" التي تروي مغامرات "ماوغلي"، الطفل المفقود الذي تبنته الذئاب في الغابة. "جون فافرو" يعتبر السبب الرئيسي في الرواج الكبير الذي تعرفه هوليوود حاليا لأفلام الأبطال الخارقين بعد أن تمكن من تحويل "الرجل الحديدي" إلى مصدر دخل خيالي لشركة "ديزني" في حين أنه يعتبر من أضعف الشخصيات في عالم "مارفل" ولم يراهن أحد على نجاحه سينمائيا...

وهاهو الآن يطرح مغامرة تحاكي المثالية التصويرية بممثل واحد فقط وهو طفل يجسد شخصية "ماوغلي" وسط ديكور غابي تملأه الكائنات الحية بواقعية لم يسبق لها مثيل.

ببساطة كل تلك التفاصيل الدقيقة ، حركات فراء الحيوانت مع الرياح ، شكل الضفدع الصغير وهو يزيح قطرات المطر عن وجهه الحيوانات الصغيرة اللطيفة التي تشبه الفئران ، حركة الكمرة ، تجانس الحيونات المصنوعة بتقنية الثري دي مع البشري الحقيقي جعلت من الفلم حقا تحفة فنية

أما عن القصة في حد ذاتها، فقد تمكنت أصوات إدريس إلبا وسكارليت جوانسون وبين كينغسلي وبيل موراي من دب الروح في الشخصيات الحيوانية وإعطائها بعدا اجتماعيا كل حسب خصوصيته بمستوى تقمص عالي.

الفيلم طرح أيضا عدة مفاهيم منحت له قيمة مضافة خاصة عندما أدرك "ماوغلي" أن موضعه الطبيعي على هرم السلسلة هو القمة رغم ضعف قوامه وسط كل وحوش الغابة وذلك كونه الوحيد بينهم الذي لا يملك سلاحا بارزا كمخالب أو أسنان أو فرو يحميه لكن عقله جعله أوصله إلى صنع أدوات مكنته من الانفراد عن سائر ماهو معتاد في الغاب، فلم يتردد في تحمل المسؤولية الناجمة على ذلك بحماية قطيعه والغابة معا. وكنهاية للفيلم، يعرض "فافرو" فكرة أن الإنسان وإن كان سبب كل الخراب الذي يطال الطبيعة، يملك الخيار في استغلال ذكاءه وقدرته على تسخير العوامل لفعل ما هو صواب، في مشهد أخير جد ملهم، قاد فيه "ماوغلي" الفيلة إلى مساعدته على تحويل مجرى المياه قصد إخماد حريق نشب في الغابة كان هو السبب في إشعاله.


"كتاب الأدغال" لكل من اراد العيش بعيدا عن البشر في البرية مع الحيوانات هذا الفلم سيكون رائعا جدا لكم