في فيلم الخيالي العلمي الرائع Interstellar حيث يحاول العلماء البحث عن كوكب أخر صالح للحياة بسبب ما حدث في كوكب الأرض من مشاكل بيئية، طرح الفيلم مشكلة أن الناس في المجتمع صارت لا تفضل أن يتم الاستثمار في البحث عن كوكب أخرى أو معرفة الكون المحيط بقدر البحث العلمي لحل مشاكل الحياة على كوكب الأرض نفسه وتحسين الحياة فيه، ولسنوات عديدة في أرض الواقع طرح هذا النقاش حول أموال الناس وخاصة أنها تكون من الضرائب أو حتى من تمويل أشخاص مهتمون بالبحث العلمي. فالبحث ومعرفة الكون المحيط بنا جزء مهم ولكن المشكلة أننا لا نرى نتائجه سريعا وعوام الناس لا يرون ننائجه عليهم ولكن البحث العلمي في تطوير الدواء أو البحث عن طريقة لعلاج مشكلة ما مثل الاحتباس الحراري وزيادة درجات الحرارة وغيرها من الأشياء التي ساهم البحث العملي ولا زال يساهم في إيجاد حلول لها هي مهمة لعيش حياة أفضل ومن كلام الدكتور عصام حجي الذي يعمل في ناسا قال أنه بسبب دراسته للطقس ومحاولة فهمة على كوكب أخر جعتله يتوصل إلى حلول وفهم أعمق لدارسة الظواهر الطبيعية على كوكب الأرض وخاصة في الصحراء لتجنب المشاكل التي تتعلق بهطول الأمطار بغزارة أو التنبؤ بالزلازل والعواصف فهنا تمكن نتيجة البحث العلمي ما بين معرفة الكون المحيط بنا وبين الكوكب الذي نعيش عليه. فمن خلال نظرتكم للموضوع أين يجب استثمار الأموال في الأبحاث العلمية حول الكون أم في تحسين الحياة على الكوكب نفسه؟
فيلم interstellar: أين يجب استثمار الأموال في الأبحاث العلمية حول الكون أم في تحسين الحياة على الكوكب نفسه؟
ما أراه في الوقت الحالي هو استثمار مبالغ مالية ضخمة جدًا وأبحاث عن إيجاد الكوكب المثالي ودراسة مٌناخ الكواكب الأخرى، وعلى رأس المهتمين بالأمر على نحو مكثف جدًا هو إيلون ماسك واستثماره في إرسال بعثات بشرية إلى كوكب المريخ لدراسة تربته وكل العوامل الخاصة بالجيولوجيا والمناخ، وفي رأيي التركيز على هذا النوع تفوق على تحسين الحياة على الكوكب نفسه، وهو ما أراه مهمًا جدًا في الوقت الحالي، لأنك وبافتراض أننا وجدنا الكوكب الآخر المثالي، من سيكون لديه القدرة المالية أولًا والعلمية ثانيًا للذهاب هناك؟ فئة لا تتعدى 1% من سكان الأرض بكل الأحوال، إذًا، ما مصير 99% من الناس هنا على كوكب الأرض؟ في رأيي إذا كان هناك ترجيح لكفتي الميزان، فيجب أن تميل ناحية الاستثمار في تحسين الحياة على الكوكب وتوعية الناس بمخاطر أفعالهم بكل الأساليب الممكنة.
وتوعية الناس بمخاطر أفعالهم بكل الأساليب الممكنة.
دائمًا ما أجد مشكلة في تحميل الناس ذنب عواقب المناخ وأقصد بهذا العامة الذين يسوقون السيارات ويستخدمون البلاستيك وما إلى ذلك وهو محور يركز عليه الكثير من الناس والمنظمات دون النظر إلى المشكلة الحقيقية وهي الشركات والدول الكبرى والمتقدمة التي تتعدى بصمتهم الكربونية حدود العقل فهؤلاء هم سبب المشكلة وهم من عليهم عبء حلها.
لا أقصد هنا عامة الناس فقط، فالدور الأكبر في تعزيز عوامل الخطر هو بالطبع للشركات والدول الكُبرى، وربما يكون هذا هو السبب الذي يدفعنا لدفع مبالغ طائلة لإيجاد كوكب مثالي آخر ولكننا لا نستطيع أن نواجه أصحاب هؤلاء الشركات بحجم كوارثهم.
أعتقد أن صرف الأموال على مثل هذا هو مجرد تشتيت للناس حتى لا يعترضوا على تصرفات هذه الشركات، فهناك معلومات على سبيل المثال أصبحت متداولة منذ سنوات أن شركات التنقيب عن البترول منذ بداياتها اكتشفت من خلال أبحاث قامت بها تأثير مصدر الطاقة هذا على البيئة وأخفوا نتائج هذه الأبحاث عن الدول والعامة حتى يستمروا في جني الأموال وهؤلاء في رأي يجب محاسبتهم بتهم التسبب في المجاعات وجفاف المياه واختفاء جزر وشواطئ كاملة.
شركات التنقيب عن البترول منذ بداياتها اكتشفت من خلال أبحاث قامت بها تأثير مصدر الطاقة هذا على البيئة وأخفوا نتائج هذه الأبحاث عن الدول والعامة
وكنت قد شاهدت أيضًا في إحدى الوثائقيات أن التنقيب عن النفط والغاز في البحر هو من أهم عوامل الخلل في النظام البيئي وعلى إثره تندثر فصائل من البحريات وتصبح بعض المناطق البحرية ملوثة جدًا بالبترول بسبب التسريب، فتهجرها جميع الكائنات تقريبًا، طبعًا هذا بجانب التأثير على الأعشاب البحرية والنظام الغذائي والحيوي للكائنات البحرية، ولا أعلم هل هناك قوانين تحد التنقيب في بعض الأماكن أم لا!
ولفتتني جدًا الدراسات التي ذكرتها لو بإمكانك فضلًا مشاركتها للتناقش حولها، لأني أريد معرفة التأثير المباشر للتنقيب على البيئة، وخصوصًا أنني رأيت بالفعل من فترة صور عديدة عن أماكن جفت فيها بحيرات كاملة.
ذكر هذا الامر في تحقيق نشرته InsideClimate News، وقالت أن شركة إكسون كانت على علم بتغير المناخ بالفعل في عام 1977، أي قبل 11 عامًا من أن يصبح هذا موضوع مشهور. وعلى الرغم من هذا العلم، استمرت إكسون موبيل، الشركة العالمية الأكبر حجمًا للنفط والغاز، في نفي ونشر معلومات مضللة حول تغير المناخ لعقود.
شكرًا لمشاركة التحقيق وسأهتم بقراءة تفاصيله، وأنت أشرت لنقطة مهمة، وهي أن الشركات والمنظمات العالمية على علم بكل النتائج التي نعانيها حاليًا ولكنها لن تتحرك قيد أنملة لتغيير تلك الأوضاع لأن تصب في مصلحة التجارة العالمية، وربما السؤال هنا هل التوجه نحو الاستدامة والطاقة الخضراء هو ستار فقط لإظهار نية الحفاظ على البيئة، أم أن هناك تغيير حقيقي في استراتيجيات توليد الطاقة؟
في نظري الأمر ليس كله حقيقي وليس كله زائف، لكن هناك البعض من الناس والسياسيون والدول والمنظمات الذين يتعاملوا مع الأمر هذا بجدية ومنهم الكثير الذي من يستغلونه فقط لتحسين صورتهم كأن تصرف شركات البترول بعض الأموال لشركات إعادة التدوير وما إلى ذلك وفي نفس الوقت يدفعون أموال للسياسيون حتى يقضوا على أي محاولة للاتجاه للطاقة النظيفة من خلال لوبياتهم القوية والأمثلة على غير ذلك كثيرة، وفي رأي القليلون فقط هم من يسعون بالفعل لاحداث فارق ولانقاذ ما يمكن انقاذه من البيئة، لكن المواقف الجامدة من اي جهد بهذا الاتجاه أو تكذيب حقيقة علمية أو عكس ذلك الانحراف وراء كل من يدعي انه يدعم ذلك أمران يحب تجنبهما في رأي.
بالضبط، نرى مؤتمرات وقمم مناخية ولكن أين هو التأثير الحقيقي، أين الاستراتيجيات الواقعية من الدول نحو التحكم في مشكلة الاحتباس الحراري؟ ولعل مثال اليوم من فيضانات دبي يوضح حجم الأزمة الفعلية، البعض يقول أن المصدر تغير مُناخي، والبعض الآخر يقول أنه نتيجة لعمليات إمطار السحب.
عموما أيضًا هناك فكرة منتشرة غير حقيقية عن الاحتباس الحراري والتغير المناخي للأرض فالبعض يعتقد أن ذلك يعني بالضرورة أن درجات الحرارة ترتفع بشكل دائم في كل مكان أو أن هذا هو التأثير الوحيد لهذه الظاهرة وهو أمر بعيد عن الصحة فهناك تأثيرات كثيرة لها قد يكون حتى من بينها انخفاض درجات الحرارة ببعض المناطق بالعالم وقد لا يشعر الكثيرين بتأثير ارتفاع درجة حرارة الارض في العموم بشكل مباشر لكن بالتأكيد سنشعر جميعًا باختفاء بعض الشواطئ نتيجة ذوبان الجليد وهذا حدث بالفعل لمناطق عدة من بينها جزيرة نيانجاي بسيراليون التي اختفت تمامًا تقريبًا وأصبحت تحت سطح البحر، كما قد تسبب تغيرات وتوترات في حركة الرياح قد تؤدي إلى أعاصير ورياح عاتية كما شاهدنا في ليبيا على سبيل المثال وقد تؤدي لحرائق بالغابات أو سيول في مناطق وجفاف بأخرى فالأمر من الناحية العلمية معقد ويؤثر على عوامل كثيرة متشابكة ومتعددة.
المقصود بالاحتباس الحراري، هو احتباس الأشعة وغازات داخل الغلاف الجوي، ومن المفترض أن معظمها يعاد إرساله مرة أخرى للفضاء كالأشعة فوق البنفسجية، ولكن مع وجود ثقب الأوزون، فكل ذلك يتراكم ويزيد من درجة حرارة الأرض، وهو سبب تغير المناخ بشكل جذري في بلاد مختلفة كما ذكرت، وسبب انصهار الجليد وغرق جزر ساحلية بالكامل، ولاحظ أيضًا أن نقطة احتراق الغابات هي نتيجة وسبب في نفس الوقت، نتيجة للاحتباس الحراري، وباحتراقها تقل نسبة الأكسجين ويزداد ثاني أكسيد الكربون، أي سبب أيضًا في زيادة الاحتباس.
طرحك هنا في هذه المشكلة تركزت على شخص وليس مؤسسة تابعة لجمهور الناس، أليس من حقه أن يصرف أمواله في المكان الذي يريده ما دام لم يأخذ أموال أحد سواء تبرعات أو من الضرائب، لأنني حقيقة كثيرا ما اواجه هذا الأمر وهو أن الناس تقول مثلا عن فلان لو فعل كذا وتبرع بالأموال لإنقاذ حياة الناس المهددة وعمل على تحسين حياتهم فسيكون أفضل من صرف أمواله في شيء أخر، فالسؤال هنا هل لنا الحق في قول أين يجب على الفرد أن يستثمر أمواله؟
من سيكون لديه القدرة المالية أولًا والعلمية ثانيًا للذهاب هناك؟ فئة لا تتعدى 1% من سكان الأرض بكل الأحوال، إذًا، ما مصير 99% من الناس هنا على كوكب الأرض؟
اتفق معك أن التكلفة والاختيارات ستكون لمن لديهم القدرة المالية أو القدرة الجسدية للعمل في ظروف بيئية مختلفة وأرى معك أن الاستثمار يجب أن يوجه بنسبة كبيرة نحو الكوكب الذي نعيش عليه بالفعل ولكن في حالة المؤسسات التي تعمل ضمن الدولة، فمثالي بدكتور عصام حجي فهو من دراسته لكواكب أخرى قدم دراسات عن تجنب المخاطر البيئية في الأرض وخاصة في الصحراء إذا هنا الاستثمار له فائدة على الكوكب نفسه بالفعل وليس فقط للبحث عن كوكب نعيش فيه أو يعيش فيه من يستطيع ويملك القدرة المالية تحديدا.
طرحك هنا في هذه المشكلة تركزت على شخص وليس مؤسسة تابعة لجمهور الناس
أنا لا أنتقد أسلوب استثمار إيلون ماسك بعينه فمن حقه فعل ما يريده بأمواله، ولكن دعنا نكون صريحين، معظم ممولي الأبحاث العلمية في العموم هم الأثرياء، جيف بيزوس، إيلون ماسك، بيل جيتس، منهم من له أهداف تجارية في الأساس ومنهم من له أهداف علمية وتكنولوجية، لذلك من المنطقي أن أذكر مسعاهم في مجال الأبحاث العلمية لا من مبدأ النقد السلبي ولكن من مبدأ توضيح التوجهات العلمية الخاصة بالمُمولين الأثرياء، وفي الأخير دراسة الفضاء أمر بالغ الأهمية ولكن ليس على حساب إنقاذ الكوكب الحالي، وكما ذكرت في مثال د/عصام حجي، أن لو جزء من الدراسات هدفه هو إيجاد حلول للأزمات الحالية، فاستثمر فيها كل ما تشاء.
التعليقات