ماذا يحدث لو كنت رئيساً هكذا يبدأ هذا الفيلم العبقري السابق لعصره يستعرض رهبة السلطة من خلال ترشح رائد أعمال ثري يؤمن بالتغير لرئاسة الجمهورية، لكنه يواجه الكثير من التحديات التي تبدو بالتأكيد مشابهة لكل المشاكل التي يمر بها العالم اقتصادياً واجتماعياً، وسرحت ببصري شارداً وأنا أتخيل أنني في داخل أنتخابات رئاسية نزيهة في أي دولة عربية وترشحت لفترة رئاسية لتنفيذ مشروع واحد ونجحت .. ماذا سيكون مشروعي؟ ، بالنسبة لي كنت لأقوم بالتركيز في بلدي على النهوض بالعملية التعليمية بالدرجة الأولى وسيكون مشروعي الأساسي الاهتمام بتقديم علم حقيقي قابل للتطبيق ويفيد الطلبة في كل المراحل التعليمية مع التركيز بنفس المسؤولية على بناء إنسان سوي ذو سلوك قويم ومتزن، وكنت سأمنح المعلمين رواتب مرتفعة لتصبح من أعلى المهن أو أعلى المهن دخلاً، وبالطبع ستبنى مدارس حقيقية تؤمن للطلبة بالأخص من الطبقة الفقيرة والمتوسطة دراسة آدامية، وربط كل وظائف الخريجين بشكل أساسي بالكفاءات العلمية والمهارية، و بالتوازي كنت لأهتم أيضاً بالجوانب التطبيقية للبحوث العلمية والابتكارات، تلك الأهداف لم أتخيلها إعتباطاً بل أظن أن الاهتمام بتنشئة صحيحة علمية وتروبوية ستنشىء في خلال عقد أو عقدين من الزمن أجيال قادرة على حل كل المشكلات المتبقية، سواء كان في الاقتصاد أو الصحة أو الفقر أو الفساد أو السياحة أو .. أي تخصص من التخصصات التي نعاني بداخلها من مشاكل فادحة يستعصي علينا حلها (( هذا ماكنت سأفعله لو كنت رئيساً للجمهورية لفترة رئاسية واحدة)) .. لكن ماذا كنت لتفعل أنت لو كنت رئيساً لفترة واحدة؟ ما هو مشروعك الإصلاحي الذي كنت ستهتم به ولماذا؟ (و تذكر أن هناك جمهور يرغب في منحك صوته)
فيلم 1939 Mr. Smith Goes to Washington: لقد وليتك رئيساً لتفعل شيء واحد فقط .. ما هو؟
لكن ماذا كنت لتفعل أنت لو كنت رئيساً لفترة واحدة؟ ما هو مشروعك الإصلاحي الذي كنت ستهتم به ولماذا؟ (و تذكر أن هناك جمهور يرغب في منحك صوته)
من منّا لم يفكر يومًا في جواب هذا السؤال الحالم، بل لم يرسم السيناريوهات التخيلية للسلطة والإصلاح والبطولة، وبالأخص مع الأوضاع والمشاكل التي نواجهها في أوطاننا؟ بالنسبة لي بالطبع لطالما وددت أن أمتلك سلطة أو منصباً أستطيع من خلاله إحداث التغيير الذي نطمح إليه في البلاد، ولكن الآن وعندما أقحم المنطقية والعقل في عمق التخيل حتى يفسده عليّ، أبدأ بطرح أسئلة أخرى مثل: هل فعلاً سأقوم بكل ذلك إذا ما وصلت إلى السلطة؟ هل حقاً سيحبني الشعب وسيحتفي بي بعد ذلك؟
المال والسلطة فتنة، ويوجد أشخاص ممن كانت أهدافهم وطنية وإنسانية بحتة وفور وصولهم إلى السلطة تبدّلت نفوسهم وأحوالهم وكأنه قد ألقيت عليهم تعويذة الديكتاتورية وحب المال، وأنا لا أستطيع وصم نفسي بضعف النفس ولكنني لا أزكّي نفسي أيضاً، من منّا ليس معرضاً للخطأ، ولكن الخطأ في منصب هو خطأ سيعاني منه الجميع، أضف إلى ذلك أنه مهما حاولت أن تقدم من أجل الشعب فهذا لن يعفيك من الأصوات المعارضة فهل ستسطيع مشاريعي الصمود أمامهم؟
بعيداً عن هذه الشكوك المنغصة، وبالنسبة لإجابة سؤالك، لسنوات كان التعليم وقضايا حقوق الأطفال هي أحد أولوياتي فيما يخص الإصلاح، وأنا أدعم حق التعليم لكل طفل وفي بلدي توجد نسبة كبيرة من الأطفال خارج المدارس ويوجد مناطق أصلاً لا توجد بها مدارس مؤهلة لاستقبال الطلبة لذلك لابد أن تكون أولوية.
ولكن من ناحية أخرى أتساءل عن صوابية تقديم التعليم على المعيشة بالأخص أنه لطالما رأيت حال بعض المناطق والعائلات التي لا يتوفر لهم قوت يومهم .. فكيف سيتعلم طفل جائع؟
وبالتالي فإن قراري النهائي سيستقر على قضية (عدالة توزيع الموارد) لأنها من جذور كل المشاكل والنزاعات التي نعاني منها في السودان.
من منّا لم يفكر يومًا في جواب هذا السؤال الحالم
في مجتمعتنا العربية فقط يصبح هذا السؤال هو سؤال حالم (أقولها وأنا أبتسم)
وعندما أقحم المنطقية والعقل في عمق التخيل حتى يفسده عليّ، أبدأ بطرح أسئلة أخرى مثل: هل فعلاً سأقوم بكل ذلك إذا ما وصلت إلى السلطة؟ هل حقاً سيحبني الشعب وسيحتفي بي بعد ذلك؟المال والسلطة فتنة، ويوجد أشخاص ممن كانت أهدافهم وطنية وإنسانية بحتة وفور وصولهم إلى السلطة تبدّلت نفوسهم وأحوالهم وكأنه قد ألقيت عليهم تعويذة الديكتاتورية وحب المال، وأنا لا أستطيع وصم نفسي بضعف النفس ولكنني لا أزكّي نفسي أيضاً
مجرد وجود هذا التساؤل في عقلك صديقتي @taqwa200 يجعلني أمنحك صوتي وأنا مطمئن حتى من قبل أن أعرف منهجك الإصلاحي لأنه ببساطة السلطة يفترض أن تذهب فقط لمن لا يطلبها (لأن السلطة مفسدة) كما أشرتي
ولكن من ناحية أخرى أتساءل عن صوابية تقديم التعليم على المعيشة بالأخص أنه لطالما رأيت حال بعض المناطق والعائلات التي لا يتوفر لهم قوت يومهم .. فكيف سيتعلم طفل جائع؟
هل تعرفي أن تلك المعضلة الأخلاقية تشكل عائق فعلي لاغلب الحكام لكن في وجهة نظري وإقتضاءاً بسيدنا (عمر أبن عبد العزيز) كان صارماً بهذا الشأن حيث قام بأخذ كل المال الفائض عن الحاجة من كل الأغنياء بداية من ماله الخاص ومال عائلته ومال الأمراء ثم مال الأغنياء والأعيان من أصحاب الأملاك ليطعم الفقراء .. هل تعرفي ما حدث أنتهى الفقر و وجدوا الفقراء الطعام والشراب والمأوى والكساء حتى أنه أطعم عابري السبيل والمسافرين ، حتى أنه أطعم الحيوانات الضالة (في كل الدول الإسلامية) وأمتلئت خزانة الدولة عن آخرها ! وفي وقتنا الحالي تطبق الصين عبر نظامها الأشتراكي (الأكثر حزماً) أمر مشابه ، ولكن في ظل مجتمعتنا الاستهلاكية هل يقضي هذا على الفقر والفقراء ؟! .. لو نظرت بعين دقيقة ستجدي أن أغلب الشحاذين التي تمتلئ بهم الشوارع هم ضمن عصابات ممنهجة تقسم الشوارع ، حتى أغلب الفقراء الذين لا ينتمون لمثل هذه التشكيلات العصابية هل هم بحاجة فعلية أم هناك الكثير من المنتفعين من التسول كمهنة فكل مع على النساء إلا إرتداء نقاب يخفي الوجه وملابس رثة وتزيف شهادة علاج و الباقي معروف .. أنا لا أعمم .. والفقر سيظل موجود لفترة ولن تغطيه بوجهة نظري خزانة الدولة بأكملها إلا لو تم تطبيق منهج سيدنا (عمرو عبد العزيز) وهو شيء لن يحدث إن كنا واقعيين .. لكن ما الذي يفيد الناس حقاً هو تعلم شيء حقيقي يفيد المجتمع بجيث يقدم خدمة يأخذ بمقابلها ما يستحقه نظير تلك الخدمة بدلاً من انتهاج أساليب التحايل والفهلوة .
وبالتالي فإن قراري النهائي سيستقر على قضية (عدالة توزيع الموارد) لأنها من جذور كل المشاكل والنزاعات التي نعاني منها في السودان.
السودان تجلس على منجم يورنيوم يجعلها أغنى دولة في الشرق الأوسط ولهذا (يطمع الجميع فيها) ويعمق مشاكل وأنقساماتها ، وأظن أن العلم وحده مع التعلم وتطبيقه هو ما يجعل الشعب أكثر أستنارة وانتباهاً لحقوقه والمخاطر المحيطة به وطرق التعامل معها.
في مجتمعتنا العربية فقط يصبح هذا السؤال هو سؤال حالم (أقولها وأنا أبتسم)
طبعاً حالم .. بالنسبة لشعوب هي تعلم وتستطيع توقع حاكمها القادم والذي يليه والذي يليه..!
حيث قام بأخذ كل المال الفائض عن الحاجة من كل الأغنياء بداية من ماله الخاص ومال عائلته ومال الأمراء ثم مال الأغنياء والأعيان من أصحاب الأملاك ليطعم الفقراء
أعتقد أن حل هذه المشكلة موجود ويمكن تطبيقه كما فعل عمر بن الخطاب، فالعربي اليوم يقوم بدفع ضرائب، والدولة نفسها تزخر بالموارد والثروات موجودة فقط المشكلة الوحيدة هو في صرف هذه الثروة وتوزيعها التي بدلاً من أن تدخل إلى جيوب الحكام ورفاهياتهم أو يتم إهدارها خارجياً أو تبذيرها في الجانب العسكري، يتم صرف نسبة منها للمستحقين من الفقراء في البلد ويتم ذلك عبر عملية منظمة وعادلة، لذلك تحدثت عن عدالة توزيع الموارد، حتى لا ينحصر الثراء على طبقة ضئيلة ويعاني البقية من الفقر.
وأظن أن العلم وحده مع التعلم وتطبيقه هو ما يجعل الشعب أكثر أستنارة وانتباهاً لحقوقه والمخاطر المحيطة به وطرق التعامل معها.
صحيح وواقعي جدًا، ولذلك نجد أن غالبية الميليشيات يتم استغلال الأفراد غير المتعلمين وضمهم وإقحامهم في نزاعات لا تنتهي موهمينهم بشرعية ما يقومون به وبالكثير من الهراء الذي سيبدو مقنعاً لشخص لم يتعلم ولا يعلم كيف يسري هذا العالم وما الذي يجري فيه!
لقد أصابت إجابتك الجريئة الهدف بدقة ، وهو واقع ينطبق على معظم أو كل الدول العربية تقريباً ، ولكن أحب أن أوجه لك سؤال مختلف فليلاً لنفترض أن هناك حاكم مميز وصل للسلطة بشكل نزيه وبدأ يهتم بالملف التعليمي أولاً هل هذا يعني بالضرورة أن الشعب سيرغب في التعلم وسيهتم بالعلم .. أم أن صوت الجهل سيطغى ؟
وإن كانت الإجابة بأن (صوت الجهل سيطغى) فكيف السبيل لمواجهته ؟ بطريقة علمية مع العلم أن الجهل هو صاحب الصوت الأعلى والأكثر صخباً على الدوام؟
ولماذا قد يختار الشعب الجهل إذا ما توفرت له سبل تعليمية مريحة وذات كفاءة؟ أعتقد أنه في حالة توفر مقومات الحياة الجيدة للشخص وتم توفير العلم له فلن يرفض، بل إن غالبية الأطفال الذين يجبرون على ترك الدراسة يكون بدافع الفقر ومن أجل دفعهم للعمل من قبل أهلهم، ولكن اذا غاب الدافع فلا يوجد مبرراً لتفضيل الجهل على العلم في هذه الحالة.
ولكن اذا ما تم تفضيل الجهل لأي سبب من الأسباب فهذا يستوجب التدخل القانوني بجعل التعليم إلزامي والتخلف عنه يستوجب عقوبات نظراً لأهميته وجديته.
التعليقات