مقدمة

     يقول سمبسون: "ان الابداع هو المبادرة التي يبديها الشخص بقدرته على الانشقاق من التسلسل العادي في التفكير الى مخالفة كلية".

 أي أن الإبداع يكمن في خلق الغير مألوف من المألوف حيث يستطيع الانسان المبدع تنظيم الأفكار العادية التي يراها جميع الناس وترتيبها حتى تظهر في بناء جديد مختلف كليا عما يراه الناس عادة. باختصار الابداع هو حل مشكلة بأساليب جديدة غير عادية تثير انتباه الجمهور دون أن يشعر.

كيف تكون شخصا مبدعا؟

التحليل: أهم خاصية للإبداع أن يكون للإنسان القدرة على ربط وتحليل النظريات القديمة من أجل خلق نظرية جديدة مختلفة كليا عن النظريات القديمة بحيث تكون هاته النظرية أو الفكرة الجديدة أسهل وأدق وذو فائدة أكبر من النظريات القديمة فيستطيع البشر الاستغناء عن كافة النظريات أو الأفكار القديمة من أجل استعمال هاته النظرية أو الفكرة الجديدة.

التجديد: لا بد من الانسان المبدع أن تكون له القابلية على تنمية أفكاره باستمرار من خلال تطوير خياله الإبداعي عبر التدريب المستمر، دون أن يأخذه الغرور لمحطات التوقف عن الابداع وأن يضع دائما في ذهنه شعار المبدعين "عدو الأفضل هو الجيد"

النظر من زوايا مختلفة: كون الانسان مُبدع يعني أن يكون له القدرة على النظر من عدة زوايا ولا يهمل أي تفصيل، بحيث يستطيع التحسس لأي مشكلة قد تحدث ولا يفكر بحل واحد لمشكلته بل دائما يكون له خطط وحلول بديلة.

التفكير: احدى المبدعين الذين قرأت له لا أذكر اسمه بالضبط لكنه يقول أنه يخصص خمس وأربعون دقيقة كاملة يوميا للتفكير وهذا ما ساعد في تطوير شركته أكثر فأكثر، كما أن كبار المؤثرين حول العالم مثل روبن شارما يعطوا أهمية كبيرة للتفكير، لذلك نجد الانسان المبدع كثير التأمل، كثير التفكير ومن خلال الفترة التي يقضيها في التفكير والتأمل يستطيع إيجاد حلول وأفكار إبداعية لا يجدها الانسان العادي.

الثقة بالنفس: أول خطوات المبدعين هي الثقة بالنفس، بحيث يكون لهم رؤية واضحة لأهدافهم وثقة كبيرة بما يقدمون؛ لذلك تجد لديهم طريقة خاصة في التعامل مع كلام الناس حيث يتقبلون النقد البناء برحب وسرور ويفكرون فيه أكثر، لكنه يرفضون الكلام الذي لا يصب في مجال إبداعهم فلا يلتفتوا اليه أبداً.

الإيجابية: طبعا ان أردت أن تكون انسان مبدع لا بد من النظر الى الحياة ومشاكلها بشكل إيجابي، فالإنسان المبدع يرى في كل مشكلة حلول إبداعية ترفع من شأنه أكثر وتساعده في بناء ذاته وتطوير خياله الإبداعي لذلك تجدهم يتقبلون جميع الأمور السلبية التي في حياتهم ويحولونها الى أفكار إيجابية.

عشر محفزات للإبداع

الحرية: حرية التفكير والرأي، المحفز الأول لتوليد الابداع سواء داخل مؤسسة تربوية أو داخل شركة خاصة، في أي موقف يتطلب الابداع لابد أن يتوفر نوع من الحرية وتحت إطار الحرية نجد العديد من الشروط مثل الاستماع الجيد، النقد البناء، عدم السخرية من أي فكرة، وغيرها من الشروط التي تعيق حرية المفكر.

الحماس: الحماس يتطلب نوع من الشغف والإرادة التي تطلق العنان لعقلنا على توليد المزيد من الأفكار الإبداعية لحل مشكلة ما أو طرح مشروع جديد كليا.

التفكير: تخصيص وقت للتأمل والتفكير يعطي العقل البشري المزيد من الراحة والاسترخاء، ثم يقوم بدوره في إعطاء أفكار وحلول أكثر إبداعية وأكثر فعالية.

خصوبة الخيال: ان كنت تريد الوصول لمرحلة الابداع في عملك ضع في قائمة أولوياتك تدريب خيالك وأفضل الطرق لتدريب خيالك هي تأمل الطبيعة وتفاصيلها، بالإضافة الى الحديث الدائم مع عقلك الباطن.

وضوح الأهداف: طبعا لابد أن تُحدد الهدف أو المجال الذي تُريد الإبداع فيه لكيلا يتشتت ذهنك وبالتالي يتشتت خيالك في توليد الأفكار الإبداعية.

الراحة: الشائع لدى أغلبية الناس أن الراحة تعيق الابداع والنجاح لكن هذا خطأ كبير، فالعقل البشري لديه فترة محددة يعطي فيها ثم يحتاج لفترة يشحن فيها طاقته ليستطيع الابداع من جديد.

الكتابة: مثلما يقول المثل "العلم صيد والكتابة قيد" لكيلا تهرب منا الأفكار لا بد من كتابتها لذلك خذ معك دائما دفتر صغير لتكتب فيه أي فكرة تأتيك فأنت لا تعلم متى تزورك الأفكار.

أيضا الكتابة تساعد العقل في تحرير المزيد من الابداع فأنت بإمساكك الورقة والقلم تهيئ عقلك للإعطاء

أكثر.

القراءة: لا حدود للإبداع وأنت انسان قارئ، ففي كل كتاب تقرأه تجد على الأقل فكرة قادرة على تغيير حياتك وحل جميع مشاكلك، لذلك ان كنت تريد الابداع لا تتوقف أبدا عن المطالعة.   

تنظيم الوقت: تنظيم الوقت يمنح الترتيب لحياتك ولن تعيش في حالة فوضى مما يجعل عقلك مرتاح وبالتالي يستطيع الابداع أكثر.

التحدي: حب التحدي والمغامرة وعدم الخوف من المخاطر فقط من يجعلنا مبدعين، فالفكرة دون تطبيق لا أهمية لها مهما كانت احترافية ولهذا لابد من أن يكون لنا نوع من المغامرة لتجسيد الفكرة الى واقع.

معوقات الابداع

الخوف: الخوف من كلام الناس، الخوف من الفشل، الخوف من أن نبدو حمقى أو أغبياء، الخوف من الخطأ، وكل أنواع الخوف تقتل بداخلنا الابداع.

نقص الثقة بالنفس: نقص الثقة بالنفس يأتي نتيجة للجهل تجاه ذلك الموضوع، ان قتلت الجهل ستزداد ثقتك بنفسك وان بدأت في الخطوة الأولى ستزداد أكثر طبعا سيكون هناك نوع من القلق لكن ثقتنا بأنفسنا ستتغلب عليه.

التفكير الاعتيادي: الذي يأتي نتيجة لضعف الملاحظة والنظر للأمور من زاوية واحدة نظرة سطحية دون الانتباه للتفاصيل، دون التفكير خارج الإطار.

السخرية: سواء السخرية من نفسك ومن أفكارك أو من الاخرين، جميع أنواع السخرية سبب فتاك للإبداع.

ثلاث أساليب لتنمية الابداع

العصف الذهني: ببساطة العصف الذهني وسيلة أو طريقة فعالة للحصول على أكبر عدد من الأفكار، نجد نوعان من العصف الذهني "العصف الذهني الفردي" و "العصف الذهني الجماعي".

  العصف الذهني الفردي: يقوم به الانسان وحده أي يشمل عقل واحد. 

  العصف الذهني الجماعي: يكون بين مجموعة مثل ما يحدث في الشركات عندما يواجهون مشكلة ما، يجتمعون تحت قائد للجماعة الذي يستقبل جميع الأفكار دون نقد أو سخرية.

للقيام بعملية العصف الذهني لابد من المرور بمراحل أهمها:

  أولاً: طرح وتحليل وتعريف المشكلة. 

  ثانياً: طرح جميع الأفكار دون تمييز أو نقد أو أي نوع من السخرية.

  ثالثاً: فلترة الأفكار التي تم طرحها عن طريق تقييم كل فكرة على حدة.                                  

  رابعاً: اختيار الفكرة أو الأفكار الأنسب والأكثر كفاءة.

  خامساً: إعداد الوسط المناسب لتجسيد الفكرة أو الأفكار التي تم اختيارها.

أسلوب القبعات الست:

صاحب هاته الفكرة هو ادوارد دي بونو، والذي قام بتأليف كتاب القبعات الست للتفكير، تنص الفكرة على أنه يوجد ست أنماط للتفكير والتي عبر عنها دي بونو بالقبعات الست وليجعل الأمر أكثر سهولة عبر عن كل نمط بلون خاص.

أهمية هذا الأسلوب يكمن في تقييم الفكرة من جميع الزوايا، حيث ينتقل المفكر نفسيا من قبعة الى قبعة أي من نمط الى نمط ليقيم الفكرة من الإيجابيات الى السلبيات.

القبعة البيضاء: ترمز للتفكير الاحصائي الذي يؤمن بلغة الأرقام والبيانات، بحيث لا مكان للإحساس أو المشاعر في هذا النمط من التفكير. عندما تلبس أنت هاته القبعة أنت تضع تركيزك حول الحقائق والمعلومات وتتجرد من العواطف وأي رأي عشوائي.

القبعة الحمراء: ترمز للتفكير العاطفي، في هذا النمط تحلل الفكرة على أساس احاسيسك ومشاعرك دون أن تأخذ الإحصائيات في عين الاعتبار، هذا النوع من التفكير حاول التقليل منه.

القبعة السوداء: التفكير النقدي أو التفكير السلبي الذي يقوم بدور إبراز جميع سلبيات الفكرة ومخاطر تطبيقها، عندما تلبس هاته القبعة أنت تقلل من تفاؤلك تجاه النتيجة وبالتالي ستعمل أكثر على الفكرة، لا تلتفت أبدا للمشاعر والأحاسيس وتنتقد جميع الآراء بمنطق وعقلانية.

القبعة الصفراء: التفكير الإيجابي عكس تماما القبعة السوداء، عندما ترتدي هاته القبعة أنت تنظر فقط الى الزوايا الإيجابية بحيث تتجنب أي فكرة سلبية فتتكون لديك كمية كبيرة من الحماس والرغبة في الاستمرار.

القبعة الخضراء: التفكير الإبداعي، عند ارتدائك لهاته القبعة أنت تركز على تطوير أفكار جديدة وغريبة ولا تمانع ابدا في إعطاء الوقت والجهد اللازم للخروج بفكرة إبداعية مستعدا لتحمل المخاطر واكتشاف المجهول. لكن لا تنسى عند ارتدائك لهاته القبعة لا تنسى ارفاقها بالقبعة الصفراء والسوداء لتكون على دراية بسلبيات وايجابيات الفكرة الجديدة.

القبعة الزرقاء: التفكير الموجه الذي يعمل على التخطيط والترتيب والتنظيم للأفكار، بارتدائك لهاته القبعة أنت الان في موضع القائد الذي يلخص جميع الآراء ويستخرج منها ليقدم الاقتراح الأنسب والأكثر فعالية.

أسلوب الأسئلة الذكية SCAMPER

أسلوب الأسئلة الذكية: عبارة عن مجموعة من الأسئلة التي يطرحها المفكر من أجل تطوير فكرة قديمة الى فكرة جديدة أكثر ابداعا من الأولى، بحيث يرمز كل حرف الى نوع من الأسئلة.

  S: Substitute

ويعني الاستبدال أي اسأل عقَلك ماذا يُمكن تبديله أو تغييره بحيث أضع شيء جديد محل القديم ويكون أكثر كفاءةً؟ قانون جديد أو مكان جديد أو طريقة تعامل؟ أو بعض المكونات أو المواد...

  C: Combine

  ويعني الادماج: اسأل نفسك ماهي المواد أو الأهداف أو القوانين التي أستطيع دمجها، ماهي الأشياء الموجودة سابقا بشكل منفرد وأستطيع تنسيقها في قالب واحد؟

 A: Adapt

التكيف: ابحث عن الأفكار المناسبة التي تستطيع دمجها باتساق ومنطق مع الأفكار القديمة. ونبحث في الفكرة القديمة عن أشياء يمكننا نسخها كما هي بشكل مناسب وبمنطق.

 M: Modify or Magnify

التكبير أو التحوير: نسأل عن الأشياء التي يمكننا توسيعها أكثر وتكبيرها بحيث يكون لها الحيز الأكبر في مشروعنا، وأيضا ان كانت هناك فكرة يمكننا التغيير فيها بشكل أفضل.

 P: Put to other uses

الاستخدام المغاير: ابحث واسأل إذا كان بالإمكان استخدامات أخرى للفكرة القديمة وكيف أستطيع استخدامها؟ وماهي الأشياء التي يمكننا صنعها انطلاقا من الفكرة القديمة؟

 E: Eliminate

الحذف أو الازالة: قم برؤية وتحليل الأشياء الغير ضرورية والتي يمكنك الاستغناء عنها أو توزِّعها عبر فقرات.

  R: Reverse or Rearrange

الترتيب: اسأل هل بإمكانك ترتيب الأفكار القديمة بطريقة أفضل؟ هل من سياق اخر يُظهر ترتيب الفكرة بشكل أكثر إبداعا؟ وأخيرا حلل سلبيات وايجابيات الفكرة.

الخاتمة

يقال إن الابداع شيء مكتسب أو وراثي، لكن هاته النظرية ليست صحيحة تماما، ان عملتَ على تدريب نفسك يومياً على الإبداع في شيء أنتَ شغوف به حتما ستَصل الى مرحلة الإبداع وتذَّكر أن الإبداع للجميع وليس محتكر على فئة معينة، فقط لا تتوقف عن التدريب.