تاريخ الغساسنة:

تمهيد:

قامت دولة الغساسنة للروم مقام دولة المناذرة للفرس، حاجزة حامية من البدو مساعدة ضد الفرس، تاريخها غامض واتفاق المراجع العربية مع اليونانية قليل، وهناك خلافات كثيرة حتى بين المؤرخين العرب أنفسهم -32 أو 9 أو 10 أو 11 ملك-، وحاول تاريخها فعند نلدكة استمرت قرن ونصف بالكثير وعند حمزة الأصفهاني -32 ملك- أنها أمتدت لست قرون.

أقصى ما يمكن استخلاصه من المراجع العربية، أنه مع هجرة بعض القبائل الى العراق بعد غرق السد سارت قبائل من قضاعة إلى الشام إلى اقليم شرق الأردن وعاشوا مع الضجاعمة، ثم هاجرت قبائل من أزد اليمن إلى تهامة في ماء غسان فسموا أزد غسان، ودفعوا الضرائب للضجاعمة الذين نقلوها للروم، ثم قامت الحروب على الإتاوة بينهم، وصمد فيها الغساسنة ففضلهم ملك الروم، دهم جفنة وحكمهم شمل شرق نهري العاصي والشريعة ومن أطراف العراق إلى خليج العقبة من ملوكهم

الحارث الثاني بن جبلة 529-569: الأعرج، شخصية حقيقية، عاصر الإمبراطور جستنيان وكسرى أنوشروان والمنذر الثالث ملك الحيرة، ,وسانده جستنيان وهادن الفرس ليتفرغ للتوسع في أفريقيا وأوروبا، فقام كسرى بتحريض المنذر الثالث للتحرش بالحارث الثاني وحدث ما حدث، وجر النزاع بين التابعين النزاع بين الدولتين، ولكن طلب الروم الصلح بسبب غرور قائد الجيش وتركه الحارث، وفي عهده ظهرت الكنيسة اليعقوبية

المنذر بن الحارث: (المندراوس) كتاب تاريخ الإسلام السياسي

في عهده ضعفت العلاقات بينهم وبين الروم، فغارت عليهم الحيرة، فاسترضاهم الامبراطور الروماني، ولكن بعد ذلك نفاه إلى صقلية، فسخط أبناءه الأربعة وثاروا بقيادة النعمان ولكن قبض عليه ونفي إلى القسطنيطينية 583 م، وعين الامبراطور عاملًا عليهم كما فعل الفرس في عرب الحيرة.

جبلة بن الأيهم: غزا الفرس الروم واستولوا على أورشليم 613 م، وأسترد هرقل بلاد الشام من الروم 629 بعد أن أستولوا عليها في عهد الحارث الثاني، فظهر جبلة بن الأيهم آخر ملوك الغساسنة وأسلم بعد أن كان مع الروم في البداية بعد معركة اليرموك ولكنه هرب إلى بيزنطة هربًا من قصاص الفاروق.

حضارة الغساسنة

كان لهم حظ أوفر من الثقافة من الحيرة لإقترابهم من الروم، وكانت حضارتهم مزيج من العربية والشامية واليونانية، ومظاهر ذلك تشييد المسالح والمباني مثل القصر الأبيض والقلعة الزرقاء وقصر المشتى، وأقواس نصر وحمامات عامة ومسارح وكنائس، ولكن كلها الآن أنقاض.

وكان ملوك غسان مسرفون في الترف، من جواري وروميات والموسيقيين والمغنين والخمر، ووجد النابغة الذبياني لدى الغساسنة ملجأً من بطش الملك الحيري وحارب بجانبهم لبيد وامتدحهم حسان بن ثابت.

وكانت ديانتهم المسيحية المنوفستية -اليعقوبية- بحكم مجاورتهم للروم، ولغتهم العربية وأتخذوا الآرامية لغة ثانية لهم كالتدامرة والمناذرة، وأتخذوا عدة عواصم مثل الجابية وجلق جنوب دمشق.

تاريخ كندة

تمهيد:

كانت لليمن كما كان اللخميون للفرس، تضم عدة قبائل متحالفة -ليست دولة- وبدأت في منتصف القرن الخامس الميلادي، وتضم معظم بلاد نجد شرقًا وتمتد إلى طرف الشام والعراق شمالًا، وتمارس نفوذ عللا قبائل عمان، وقد يكون اصلهم من عرب الجنوب، لا ذكر لهم في نقوش اليمن ولكن كتب عنهم العرب أنهم سكنوا اليمن ثم هاجروا لحضرموت ونزلوا في كندة ثم هاجروا إلى الشمال حيث كانت قبيلة بكر ضعيفة فلجأ زعماؤها إلى تبع اليمن حسان فعين عليهم حجر بن عمرو زعيم الكنديين.

حجر بن عمرو (آكل المرار) حوالي 480: سمي لذلك لأنه يروى أنه من شدة غضبه أكل نبات المرار، وقد جاء إلى نجد وهزم المناذرة فألتف القوم حوله، وولى بعده عمرو بن حجر والذي لم يقم بشيئ فسمي بالمقصور.

الحارث بن عمرو: أشجع ملوك كندة، عاصر قباذ الذي فتح في أيامه الأحباش اليمن وأذهبوا دولة التبابعة، فضعف شأن ملوك كندة لأنهم يستمدون نفوذهم من اليمن، فأنتظر الفرصة المناسبة وأستولى على الحيرة عندما طرد قباذ المنذر الثالث منها لرفضه إعتناق المزدكية -كما ذكرنا-، ورحبت به القبائل وطلبوا أن يولي عليهم من أبنائه ففرق أولاده على النحو التالي:

1-حجر بن الحارث على أسد وغطفان

2- شرحبيل بن الحارث على بكر بن وائل بأسرها

3- معد يكرب بن الحارث على قيس عيلان بأسرها

4-سلمة بن الحارث على تغلب والنمر بن قاسط

ولكن مع تولي أنو شروان طرد الحارث وأعاد المنذر وقتل ولدي الحارث عمرو ومالك، وسار المنذر الثالث بين أولاده بالوقيعة حتى تحاربوا، فقُتل شرحبيل في معركة يوم كلاب -ماء بين البصرة والكوفة- على يد رجال أخيه سلمة، ثم أدرك نوايا المنذر فأستعان ببكر فأعانوه ودخل في معركة "يوم أوارة" مع المنذر الثالث التي أنتصر فيها المنذر وأسال دمهم على جبل أوارة وأحرق النساء.

وضعفت نفوذ ملوك كندة بعد مثتل سلمة وشرحبيل، فخرج بنو أسد على حجر فحاربهم وأخضعهم وأباح أموالهم وحبس أشرافهم ثم اغتنموا فرصة فقتلوه.

امرؤ القيس بن حجر الكندي: أحد شعراء المعلقات والوحيد من أبناء حجر الجدير بأخذ ثأره وفقًا لوصيته، فهب لطلب العون من القبائل فرفضته خوفًا من بني أسد وإغضاب المناذرة والفرس، فاستودع ماله السموأل وأنطلق إلى قيصر الروم بعد توسط الحارث بن ابي شمر الغساني صديق السموأل له بعد مساعدة ملوك الحيرة والفرس لبني أسد، ولكنه مات في الطريق عند أنقرة.

ثم لم يبقى سوى معد يكرب على قيس عيلان وبعض الأمراء الصغار على بعض القبائل، حتى مجيئ الإسلام وإكتساح تلك الدويلات، ولم يكن لهم حضارة خاصة لأنهم كانوا مجموعة من البدو في صراعات مستمرة ولقصر عمر دولتهم ولكنها كانت أول محاولة من داخل بلاد العرب لتوحيد السلطة، وأحوالهم الإجتماعية كعرب الشمال لأنهم لا يختلفون عنهم في الكثير رغم أصولهم الجنوبية.