في زمننا أصبح جزء من عادتنا التهاون في حقوق الغير؛ والسبب واضح وهو مرجعنا! فلم يعد مرجعنا لا أخلاق ولا دين؛ بل عادات اعتدناها! فمن واقع معيشتي في سكن للطلبة أتعرض لهذا كثيرًا، أرى هذه تأخذ من حاجيات الآخرى دون استئذان وقد يكون دون إعلامٍ لاحق؛ لقله ما أُخذ! فكما يقولون إنه لاشيء يذكر فلما سيهتم الطرف الآخر؛ حتى أنه لن يلحظ اختفائه، ولا تدرون حقًا كم من المشاكل التي تحدث جراء هذا! وإذا كنت أنت الشخص الذي يستأذن لهذا القدر الضئيل؛ فسيتم وصفك بالهبل والجنون والبخل! ثم هنالك هذا الذي يطلب مالًا على أن يرده لاحقًا، ولكن ولأنه قليل يتجاهل ولا يرده إلا إذا وقفت على رأسه يوميًا، وكم من أصحاب الحياء الذي يمنعهم من طلب مالهم مرة واحدة أصلًا! وهنا كُسرت نظارة؛ فلم ينبث الفاعل برغبة مزيفة حتى بأن يصلحها أو حتى اعتذر على هذا! وكأن الآن الاعتذار عن الخطأ عيبًا، فما بالك بإصلاحه! فماذا إن كُسرت نظارتك ألست أنت المهمل الذي وضعها على الطاولة! وكم من السُباب الذي يقال لمجرد المزاح في وجود أو غياب المقصود! نحتاج لإعادة النظر في مراجعنا، نحتاج لتقديم الأخلاق؛ فبالأخلاق لا يكون الخطأ عاديًا! بل يؤنب الضمير ويلهمك الاعتذار، ولا يجعل الحق عيبًا! وكذلك يُسهل المغفرة فالخلوق يحب أن يسامح؛ فلا نريد مجتمعًا يملؤه الفساد بحجة أنه عادي! فلتذهب العادات للجحيم! ولتحبا الأخلاق!
التهاون في حقوق الغير!
فلتذهب العادات للجحيم! ولتحبا الأخلاق
لا أظن أن للعادات دخل في فساد الأخلاق وقلة التربية، فتك العادات مبنية على أسس التربية والبيئة الإجتماعية فهي من يتحكم في ترسيخ عاداتنا وقيمنا، وأرجع السبب للمجتمع الذي تهاون في صرامة التربية وتقويم الأخلاق وتركها عرضة لعبث الإعلام ومواقع التواصل وكذلك للانفتاح المبالغ فيه على ثقافة الغرب وأفكاره العابثة.
العادات هي الأمور التي يفعلها المجتمع باستمرار لدرجة الاعتباد عليها وجعلها أمر مقبول مجتمعيًا وهي تختص بمجتمع دون غيره وتختلف من زمن إلى زمن؛ فلا أجد اختلاف بين كلامي وكلامك، فأنت ذكرتي العادات للناس القدامى على أنها العادات، أما العادات التي نشأت مؤخرًا أرجعتيها لسوء التربية والابتعاد عن عادات الأهل.
أما العادات التي نشأت مؤخرًا أرجعتيها لسوء التربية والابتعاد عن عادات الأهل.
وإن تكن عادات قد أصبحت لصيقة بنا وبمحيطنا، لكننا لا يجب أن نعتبرها عادات مجتمعية بقدر ما يجب إعتبارها أفكار دخيلة على مجتمعنا، ونحاول دائما التخلص منها، لأن العادات كما شرحتي في تعليقك ستصل لمرحلة القبول المجتمعي بعد انتشارها وتبنيها من أفراده، لكن الأفكار الدخيلة تبقى في خانة الغريب دائما حتى لا تستساغ للناس ولو فعلها أغلبهم.
الفيصل الوحيد هو رأي الشخص نفسه سواءً في العادات التي نشأ عليها أو الأفكار الدخيلة، فنحن من المفترض أننا بعد الوصول لمرحلة جيدة من الوعي والإدراك، نستطيع تقييم أفعالنا وما يصح منها وما لا يصح، ولا نستطيع التحجج دائمًا بفكرة أنها عادة لدينا، لأننا طالما وجدنا أن تبعاتها سيئة، فلماذا نستمر فيها؟ الاستمرار هنا بإرادتنا الخاصة وليس لأننا معتادين على الأمر، فمن اعتاد أن يأخذ أشياء ليست ملكه ولا تخصه، هو بالتأكيد يعلم أن هذا خاطئ ولكنه لا يريد أن يغير أفعاله.
التعليقات