عندما كنت أعمل بشكل مستقل من المنزل فقط، كنت أبذل جهدًا كبيرًا وأنجز أعمالي بضمير، لكن كثيرًا من الناس من حولي لم يكونوا يأخذون عملي على محمل الجد، وكأن العمل لا يعد عملًا إلا إذا كنت أذهب إلى مقر ثابت وأوقع الحضور والانصراف! لكن حين بدأت العمل بشكل منتظم في مدرسة، تغير كل شيء، وأصبح الناس يبدون احترامًا وتقديرًا أكبر، مع أنني كنت أعمل بجد قبل ذلك أيضًا، فالفرق لم يكن في قيمة العمل بل في نظرة المجتمع. شاركونا لماذا نربط احترام الشخص بكونه موظفًا في مؤسسة، لا بجهده الحقيقي بغض النظر عن كونه مستقل أو موظف في شركة؟
لماذا لا نحظى كمستقلين بالاحترام الاجتماعي الذي نحصل عليه فقط عندما نعمل في شركة؟
اعتقد لأن العمل الحر مازال مبهم وغامض لدى الكثيرين خاصة شرائح الكبار والمتقدمين في العمر، شريحة أبائنا التي لا ترى أهمية أو قيمة لأي عمل سوى العمل الحكومي، حتى لو كان لديك مشروع محل او مطعم في أعينهم ليس له قيمة طالما أنه ليس "ميري" حتى لو كان يجني الكثير من المكاسب ! المشكلة في العقليات المحيطة بنا، نصيحتي لك لا تهتمين بما يعتقده الآخرين!
أشعر تمامًا بما قلته، لقد مررت بنفس التجربة، كنت أعمل من المنزل بجد وإخلاص، أقدّم أفضل ما لدي، ومع ذلك لم يكن الناس يأخذون عملي على محمل الجد، فقط لأنه لا يشبه العمل "التقليدي"
لكن ما إن بدأت العمل في مؤسسة رسمية، حتى تغيّر كل شيء فجأة… وكأن المقر والبدلة والنظام وحدها تمنحك الاحترام
الحقيقة أن المشكلة ليست فينا، بل في نظرة المجتمع، خاصة عند الجيل الأكبر، الذي لا يعترف إلا بالوظيفة الحكومية أو الشكل المعروف للعمل
لكنني تعلمت مع الوقت أن أثق في نفسي، وألا أطلب التقدير من أحد، فالقيمة الحقيقية ليست فيما يرونه، بل فيما أبذله أنا في كل يوم.
والغريب يا سكينة أن راتب العمل الحر أحيانًا يكون أضعاف راتب العمل الحكومي الثابت، اللي بيتخصم منه نصفه تقريبًا بمبررات غريبة ما أنزل الله بها من سلطان! ومع ذلك تفضل الناس الشكل والمسمى والكرسي على الجهد والنتائج الفعلية، لكن في النهاية ما يهم فعلاً هو إننا نكون مدركين لقيمة عملنا، حتى لو لم يراه أحد غيرنا.
هذا هو الامر بالضبط، فالتغيير التكنولوجي (ومنه المهني معه) في آخر 50عاما فقط كان كبيرا بشكل ملحوظ يجعلنا كمن انتقلنا من عصر في أقصى الجنوب إلى عصر في أقصى الشمال، وهذا ما يجعل فكرة العمل الحر مثلا وأفكار أخرى ايضا لم تُبنى تدريجيا وببطئ، كان الأمر مفاجئا وسريعا خاصة بالنسبة للذين عاصروا ما قبل هذا التغير السريع، فربما لا يمكننا لومهم إلى ذاك الحد، لكن ما أعتقده شخصيا أن الانسان الذي يكون واثقا مما يقوم به لا يحتاج اعترافا من أحد أو مبالغة في التقدير.
ولنكون اكثر واقعية، سواء اقتنعوا بعملك أو لا، فطالما يرون منه الفائدة المادية المطلوبة فستحصل على اعترافهم عاجلا أم آجلا.
اتفق معك الكبار لم ولن يتغيروا طبيعة تكوينهم وفي اعتقادهم أنهم دائمًا على صواب والآخرين لا يفهمون شئ، انا أعاني مع أفراد من عائلتي لديهم هذا الاعتقاد!
التكنولوجيا وسوق العمل وأدواته تغيروا واختلفوا اختلافات جذرية بمعنى فكرة أن تعمل من المنزل مع شركة في بلد آخرى وتحصل على راتبك عبر بطاقة الدفع لو كنت قولت لأحد هذه الحكاية من عشرين أو خمسة وعشرين سنة لأعتبر هذا درب من الجنون!
واتفق معك أن أهم شيء هو أنك تحصل على مال ودخل وهذا ما سيجعلهم يحترمونك في النهاية!
عمري 44 عامًا، ولست كبيرًا ، لكنني أصبحت أكثر خبرة في الحياة مما يجعلني أتعامل مع قراراتي بحكمة أكبر، خاصة عندما يتعلق الأمر بمستقبل أولادي. لو جاء شاب ليطلب يد ابنتي، وقال لي إنه يعمل بشكل مستقل (فريلانسر)، سيكون من الصعب عليّ أن أقبل بهذا الخيار. لن أجازف بأن أشعر أن ابنتي ستعيش حياة مليئة بالضغوط وغياب الاستقرار المالي. من وجهة نظري، الدخل الثابت والجيد مهمان جدًا لبناء حياة مستقرة وسعيدة. إذا نظرنا إلى الجانب العملي، نجد أن الموظف المستقر يتمتع بمزايا لا يستطيع المستقل الحصول عليها بسهولة. الموظف غالبًا ما يحصل على تأمين صحي يغطي أفراد أسرته دون أن يتأثر راتبه، بينما المستقل قد يجد نفسه في ورطة بسبب زيارة واحدة لمستشفى قد تقضي على كل ما جمعه من مال خلال أشهر. هناك عالم كامل من التحديات يواجه العاملين بشكل مستقل لا يدركه الكثيرون. للأسف، كثير من الأشخاص يبتعدون عن الوظيفة لأنهم لا يريدون الالتزام بمواعيد ثابتة. فكرة "أنا مدير نفسي، وأعمل متى ما شئت" تبدو مغرية لكنها غالبًا مجرد وهم. العامل المستقل قد يبدأ يومه متأخرًا، ثم يقضي ساعات طويلة في البحث والعمل عبر المنصات ليحاول كسب بضعة دولارات لا تكاد تكفي احتياجاته الأساسية. أحيانًا قد تمر أيام دون أي دخل يُذكر. في المقابل، الموظف يلتزم بساعات عمل صباحية محددة، وبعدها يمضي يومه مستمتعًا بوقته مع أسرته ومخصصًا وقتًا لنفسه. هذا التوازن بين العمل والحياة الشخصية هو ما يجعل الوظيفة خيارًا أفضل للكثيرين، خاصة عندما يتعلق الأمر بتكوين أسرة وتحقيق الاستقرار على المدى البعيد.
التعليقات