لا شك أنك قد قرأت كتب وشاهدت فيديوهات أو ذهبت إلى ندوات تدريبية وتعلمت الكثير عن كيف تصبح غنيا وطرق تحقيق الحرية المالية ، ولكن ماذا حدث ؟

بالنسبة للغالبية من الناس لم يحدث شيء، مجرد عاصفة قصيرة من الحماس تجتاحهم ثم يعودون بعدها إلى نقطة الصفر ،ويبقى السؤال الذي يحير الكثير لماذا ؟

ببساطة الجوب يكمن في كونه يشبه القانون الذي لا يمكن التحايل عليه ، وملخص ذلك القانون هو : إن لم يكن عقلك الباطن قد صمم لكي ينجح ، فإن كل ما تتعلمه وكل ما تعرفه وكل ما تفعله لن يحدث أي فارق .

ولفهم هذا القانون أكثر يمكنك ملاحظة أن العالم يعيش ازدواجية ، فهناك الأعلى والأسفل ، والضوء والظلام ، والحر والبرد ، والداخل والخارج ... وكل تلك النماذج ليست إلا أمثلة قليلة من آلاف الأقطاب المتقابلة ، ولکي يتواجد قطب ما لابد لنظيره من التواجد أيضا . فهل من الممكن أن يوجد الجانب الأيمن بدون الأيسر ؟ لا يمكن بالطبع .

وبالقياس على هذا . وكما أن هناك قوانين " خارجية " للغنى وتحقيق الثراء فلابد من وجود قوانین " داخلية " . والقوانين الخارجية تشمل أشياء مثل المعرفة الاقتصادية ، وإدارة المشاريع ، واستراتيجيات الاستثمار .... وكلها أشياء أساسية ، ولكن قوانين اللعبة الداخلية مهمة بنفس القدر . ويمكننا أن نضرب مثالا بالنجار وأدواته . فوجود الأدوات المناسبة أمر لا غنی عنه ، ولكن وجود النجار المحترف الذي يحسن استخدام هذه الأدوات أكثر أهمية .

كما يقول أحد الحكماء : " إنه ليس من الكافي أن تكون في المكان المناسب وفي التوقيت المناسب ولكن ينبغي أن تكون الشخص المناسب الذي يتواجد في المكان المناسب وفي الوقت المناسب" .

لأن شخصيتك وطريقة تفكيرك ومعتقداتك هي أجزاء أساسية مما يحدد مستوی نجاحك ،وهذا مايجعل بعض الناس تكون لديهم فرص للبدايات الممتازة ثم بعد ذلك ينحرفون عن المسار أو تكون لديهم مبالغ كبيرة من المال ثم يخسرون كل شيء. ولو حللت الامر سطحيا فسيبدو كما لو كان حظا عاثرا . أو رکود اقتصاديا . أو شریك غير فعال أو أي سبب آخر . ولكن من الداخل فالأمر مختلف تماما ولهذا السبب فعندما تأتيك ثروة من المال وأنت غير مستعد لها داخليا فإنه من الراجح أن هذه الثروة ستكون قصيرة العمر ، وأنك ستخسرها في النهاية ،لأن الغالبية العظمى من الناس ليست لديهم القدرة الداخلية في الحصول والمحافظة على كمية كبيرة من المال ، وليست لديهم كذلك القدرة على مواجهة التحديات المتزايدة المرتبطة بزيادة المال والنجاح . وهذا هو السبب الرئيسي في أنهم لا يمتلكون المال الوفير .

وأفضل مثال على ذلك هم الرابحون بجوائز اليانصيب . ولقد أظهرت البحوث مرة بعد مرة أنه مهما كان حجم الجائزة التي يربحها هؤلاء الأشخاص فإنهم دائما ما يرجعون إلى وضعهم المالي الأول وهو مبلغ المال الذي يمكنهم التصرف فيه بحرية .

وعلى الجانب الآخر ، فإن عكس ذلك يحدث مع أصحاب الملايين الذين يبدأون من الصفر . فهل لاحظت کیف أنه عندما يخسر العصاميون من أصحاب الملايين أموالهم فإنهم يسترجعون ذلك المال في زمن قصير نسبيا . ويعد " دونالد ترامب " مثالا جيدا . فقد كان " ترامب " يملك الملايين ثم خسر كل شيء يملكه ، وبعد عامين أو أكثر استعاد كل أملاكه وأكثر منها !

في نظرك لماذا تحدث هذه الظاهرة ؟

لأنه حتى إن خسر العصاميون من أصحاب الملايين أموالهم ، فإنهم لا يخسرون أبدا أهم عامل من عوامل نجاحهم : عقلية المليونير لديهم . وفي حالة " دونالد ترامب " كانت عقلية " الملياردير.

"فدونالد ترامب " لم يكتف يوما بأن يكون مجرد مليونير وهذا لأن "ميزان الحرارة المالية " الخاص به قد تم ضبطه للإحساس بالمليارات ،وليس مجرد الملايين أما ميزان الحرارة المالية لمعظم الاشخاص فإنه يتم ضبطه للإحساس بالألاف وليس بالملايين من الدولارات ، وآخرون لا يحس ميزانهم المالي إلا بالعدد صفر ، وهم متجمدون في موقفهم وليس لديهم أي تفسير لذلك .

والحقيقة هي أن معظم الناس لا يصلون أبدا إلى الاستغلال الكامل لطاقاتهم الكامنة . إن معظم الناس غير ناجحين ، والبحوث تشير إلى أن ثمانين بالمائة من الأفراد لن ينالوا أبدا الحرية المالية كما يتمنونها. وأن ثمانين بالمائة من الأفراد لن يدعوا أبدا أنهم سعداء بشكل حقيقي .

إذن ، فمن تكون ؟ وكيف تفكر ؟ وما هي معتقداتك ؟ وما هي عاداتك وخصالك ؟ وكيف تشعر حيال نفسك ؟ وما مقدار ثقتك بنفسك ؟ وهل تشعر بأنك تستحق الثراء ؟ وما قدرتك على التصرف في مواجهة الخوف ومواجهة القلق ومواجهة الظروف غير الملائمة وغير المريحة ؟ وهل يمكنك أن تعمل عندما تكون على غير طبيعتك المعتادة ؟

مع تحياتي :

الكوتش أيوب أجظاض