ثم..
خرجت من أحشاء أمي.. وأنا لا أدرك أنني موجودة... ولا أدرك ملامحي في المرآة حتى..
فكانت هذه ولادة جسدية.. تهيء لي الطريق لولادة روحية..
الولادة الروحية تمر بالمخاض تماما كالولادة الجسدية..
إلا ان مخاض الروح مختلف..
فقد يستغرق سنين طويلة.. كواحد وثلاثين عاما.. في حالتي..
سنين طويلة من التيه.. الضياع.. الألم.. السقوط.. النهوض المزيف.. والأذى النفسي..
كل هذا..
سبب اختلالات واضحة.. في.. عقلي وقلبي..
فصارت روحي تتحرك.. ذهابا وايابا في جسد ضيق..
فأكلت كثيرا.. لأقوم بتوسيع الإطار الجسدي لروحي...
فعلت ذلك لأشعر بالحرية والأمان..
لكن..
زاد وزني بشكل مضاعف.. ولم اتحرر.. لم أتنفس.. لم أطمئن..
وبقي الخوف يعتريني.. مع ضيق المكان..
ثم..
وجدت موضعا للتنفس..
موضعا مهترئا.. قام بتوفير ثقوب تنفس صغيرة.. مؤقتة في عقلي.. وقلبي.. ونوافذ حواسي...
فجاء نَفَسُ الوعي لاذعا.. حارا.. ومؤلما.. في كل مرة يتحدث فيها عن حقيقة الواقع..
فبكيت أكثر.. مع كل ما اجتاحني..
حزنت وغضبت ورغبت في الانتقام.. والهروب..
لكن..
لم أجد جدوى من الانتقام ولا مفرا للهروب..
ثم..
استمر الشعور بالضياع..
واستمر الشعور.. بالتعب.. والاختناق..
ووصلت لمرحلة.. إما الغرق أو الغرق..
الغرق بمفهوم التوقف..
أو..
الغرق بمفهوم تجربة لا تمثل هدفا..
ثم..
توقف نَفَسي للحظة.. ليتأمل..
فوجدت سلحفاة بحرية تتعرض للمجهول.. لكنها تنزل للمحيط.. بشجاعة..
ووجدت سفينة آمنة في ميناء.. لكنها تترك مرساها لتبحر..
فشعرت بالالهام... وشعرت بالامتنان..
فالسلحفاة هدفها أن تعيش فيما تنتمي إليه..
والسفينة هدفها أن تعيش باحترام ما صنعت لأجله..
وبهذا تحول المجهول إلى شوق..
وتحولت المخاطر الى معنى..
فولدت روحيا..
وأنا لا أحاول السيطرة على شيء إلا بالسعي لا بالتخطيط..
ولدت روحيا..
وأنا أنظر إلى كل شيء على أنه حكمة إلهية.. لا يدركها عقلي..
وولدت روحيا...
يوم علمت أن الشر جزء من عمل الإنسان على هذه الأرض..
فلا شيء خاضع لي.. ولا شيء منفلت مني لتلك الدرجة..
التعليقات