هناك نساء لا يشعرن أن لهن حقًا في الطلب أو الاعتراض، لا لأنهن ضعيفات، بل لأنهن تعلمن أن قيمتهن في العطاء فقط. واحدة من هؤلاء النساء كانت ترى نفسها دائمًا الطرف الذي يجب أن يحتوي، ويتفهم، ويتنازل، مهما طال الوقت أو زاد الألم.
مع السنوات، تحوّل غياب الإحساس بالاستحقاق إلى باب مفتوح للاستنزاف العاطفي. زوجها اعتاد أن يأخذ أكثر مما يعطي، وأن يُحمّلها مسؤولية المشاعر والمشاكل، وحتى تقلباته. كل مرة تشعر بالحرمان، تُقنع نفسها أن هذا طبيعي، وأن طلبها للاهتمام مبالغة.
لكن ما حدث مؤخرًا كشف ما هو أعمق. حين أخبرها برغبته في الزواج من أخرى أحبها، ربط هذا القرار بوعد غريب: أن زواجه بالأخرى سيجعله أهدأ معها، وأكثر قدرة على منحها الحب والاهتمام الذي حُرمت منه لسنوات، وأن نقده وتذمره منها سيتراجع.
الأكثر إيلامًا أنها رأت بعينيها مشاعر لم تعرفها معه طوال عشر سنوات. رأت الهيام، والاهتمام، واللهفة، والتغير الذي قيل لها دائمًا إنه مستحيل. فجأة أصبح قادرًا على العاطفة، لكن ليس معها. معها كان يتعامل وكأنها أمر ثابت، وجود مضمون، لأنها أم أولاده، لا لأنها شريكة تستحق الحب.
في هذه اللحظة، لم يعد الأمر مجرد زواج آخر، بل انكشاف مؤلم لمعنى العلاقة كلها. حين يُختزل الطرف الأكثر عطاءً في دور ثابت، ويُمنح الحب لطرف جديد، يتحول الصبر إلى خسارة صامتة، وتتحول العشرة إلى اعتياد لا يُكلف صاحبه شيئًا.
وهنا يصبح النقاش أعمق من فكرة الزواج نفسه، ليصل إلى سؤال موجع:
متى يتحول غياب الإحساس بالاستحقاق إلى إذن غير معلن باستنزاف الحب، وإعادة توزيعه خارج العلاقة؟
التعليقات