أحيانًا، في لحظات الفراغ، تنبثق أفكار من الماضي… نُسيت أو تناسيناها عمدًا، لكنها تعود فجأة دون استئذان.

اليوم، بينما كنت أراقب الصف وأسير في الممرات بهدوء، يرافقني صمت التفكير، رمقت طالبات الثانوي واحدة تلو الأخرى.

في داخلي حديث لا يسمعه أحد، صحوة مفاجئة همست لي:

"ها أنا اليوم معلمة عليهن، بعد أن كنت يومًا في عمرهن، أحلم فقط بأن أكون هنا!"

كم من مرة تخيّلت هذا المشهد؟

كنت أعيشه في خيالي، واليوم أعيشه واقعًا.

أنا الآن داخل الحلم الذي تمنّيته، الحلم الذي ظننته يومًا بعيدًا… مستحيلًا.

وهكذا أيقنت أن تلك الأمنية الأخرى التي أثقلت قلبي قد تتحقق أيضًا… يومًا ما.

أكرر لنفسي:

"لا حول ولا قوة إلا بالله، فاللهم أعني، إنني متعبة… متعبة جدًا، وعيناي يملؤهما الحزن."

وفي مساءٍ هادئ، وبين جدران غرفتي الصامتة، فتحت قائمة التحميلات القديمة على هاتفي، لأجد فيلم ديزني بعنوان "الأمنية".

كنت قد حملته منذ زمن، ولم تتح لي فرصة مشاهدته.

لكنني اليوم شعرت أن شيئًا ما يقودني لرؤيته الآن… لماذا؟ لا أعلم.

ربما هناك رسالة خلف هذا التوقيت.

وفي منتصف الفيلم، قال الملك لمتدربته:

"لا يجدر بأحد أن يُضطر لرؤية أحلامه تتبدد أمام عينيه."

تلك الجملة هزّتني.

لكنني سألت نفسي بعدها:

وماذا يفعل من لا حيلة له؟

من يرى حلمه يتبخّر كل يوم، لا يملك الا النظر اليه عن بعد؟

ولا يستطيع أن يفعل شيئًا؟

إلى من يلجأ؟

وكم من الوقت يحتاج ليتقبّل فكرة أن حلمه قد لا يتحقق؟

وان مايتمناه قد لأياتي

هل سيقدر يوما على الرضا؟ بل هل يمكنه الرضا أصلًا؟

ام إنه سيبقى في المنتصف عالقاً بين الرضا والتسليم

وكم من الوقت يكفي لذلك؟

كم؟

لا أعرف…

لكنني أعلم أن هناك شيئًا بداخلي لم ينطفئ بعد.

وما دام القلب ينبض، فهناك دومًا أمنية…

ربما لا تتحقق غدًا، لكن من يدري؟

أليس في الحياة متّسع لكل ما نتمنى… حتى وإن طال الانتظار؟