أتوقف أو أكمل

12

التعليق السابق

ما يمنعني هو أنني حاولت ثلاث سنوات أعيد الباكالوريا لأناله ولم يكن من نصيبي وقد إستنزفت كل طاقتي آنذاك ثم صدمت كثيرا واستغرقني وقت طويل حتى أتقبل أنني لن أدرسه، لكنني الآن فاقدة لكل رغبة في دراسة شيئ آخر وذهبت ميولي لمجالات أخرى، ولازلت أتمنى من كل قلبي أن أتعلم البرمجة والإعلام الآلي، كما أنني لم أعد أنظر للنظام التعليمي على أنه عادل ومنصف، أشعر عندما أدخل للجامعة أنني دخلت إلى مصنع للآلات، وليس مصدر تعلم حقيقي ولا إبداع ولا تحفيز للعقول... الكل يسعى للحصول على النقاط بكل طريقة كانت حتى ولو بالغش، وحتى من جانب المعلمين فهم يظلمون الطالب كثيرا.

فتخيل ان تضيع أحلامك وكل ما كنت تتمنى أن تبنيه وسط كل هذا، زد إلى ذلك في تخصص لا تريده وظغط هائل بدون فائدة.

أصبحت أشعر بالإكتآب داخليا لدرجة أنني أحيانا أنام وانا أتساءل: "ما الذي أفعله في حياتي؟ ما هي غايتي بعد كل هذا العناء؟ مجرد شهادة فقط؟! " تنتابني أسئلة كثيرا من هذا النوع لا أجد لها جوابا.

مرحباً هاجر.. عساكِ طيّبة؟

قرأت الردود هنا، ولفت انتباهي بعض المحاور التي أرغب بوضعها للفت النظر إليها:

  • أنتِ عالقة في المنتصف لا تستطيعين اتخاذ القرار، فكما يبدو أنكِ لا تكرهين التخصص بقدر ما يؤرقك النمط التعليمي وما يحدث من تجاوزات وكيفية اتخاذ القرارات والتعامل مع الطالب.

دعينا نتفق على أمر، ما ترينه من تعنّت ومبالغة من قبل بعض الأساتذة وأساليب بعض الطلبة التي يستخدمونها لغايات الحصول على العلامة، (وأركز هنا العلامة وليس المعرفة)، هذا نمط موجود في كلّ مكان، حتى تخصصك الذي كنت تحلمين بدراسته ستجدين ذات الأفراد وذات النهج وذات الأسلوب، فلا تبني رفضك وتعبك على طريقة الآخرين السيئة في الوصول لأهدافهم، لأنّ في الحياة تجارب أكثر ستواجهين فيها الصدمات وسيحدث اصطدام ما بين أخلاقك وقناعاتك وبين طرق غير سوّية للوصول لما يريده أصحابها.

في هذه المرحلة عزيزتي تقوقعي على نفسك، حاولي عدم الالتفات، عدم الانتباه، عدم الملاحظة، وكأن ما يحدث منفصل عنكِ طالما لا تملكين تغييره، حيث أن الاعتناء بالانتباه والاهتمام لمثل هذه الأمور سيجعل الشرخ أكبر، والرفض أكثر، وشعور عدم الاهتمام أعمق..

  • لديكِ ميول لأمور كثيرة واهتمامات كثيرة، اجعليها ملح المقاومة لديكِ، وانطلقي منها، وركزي عليها، اعتبريها الحلويات التي تتناوليها بعد وجبة مكرهة أنتِ عليها، وأفرغي فيها كلّ طاقاتك، خاصة وأنكِ قادرة على تعلّمها والتطوير فيها دون الالتزام بالدراسة وإنما من خلال برامج تدريبية ومتابعة مواقع تعطيكِ المعلومة اللازمة.
  • أنّ المشكلة ليست في عائلتك ولا في موروثاتها بقدر ما هي كامنة داخلكِ أنتِ، ذلك الصراع فيكِ مخلوق لديكِ.

لا تسمحي له بتجاوزك، صدقيني ليست ذواتنا صديقة لنا دائماً.. أحياناً تصبح عدوّة، لأنه بين رغباتنا وقدراتنا وواقعنا مسافات تجعلنا أحياناً نقاوم أنفسنا، فيحدث التخبط.

سؤال، هل نحن من نختار والدينا وطريقة حياتنا؟ الإجابة أبداً.. إننا نأتي فيكونون حولنا،

هل نملك تغييرهم؟؟ بالتأكيد لا، لكننا نتأقلم.

ماذا لو كانوا سيئين ونحن لسنا مثلهم؟ أو كانت ظروفنا صعبة ونحن نستحق الأفضل؟ ببساطة هذا ما نحن عليه، الإنجراف في السوء وعدم المحاولة قرار، كذات قرار المحاولة والتجربة والتجاوز.. بالنهاية نحن فقط مَن نملك القرار.

لذلك صديقتي ارمي عن كاهلك أية مشاعر تضغطك، حاولي الابتعاد عن المظاهر التي تضايقك.. اصنعي عالمك لكِ.. قد تدرسين التخصص الذي تعشقين لكنك تمتهنين مهنة لا علاقة لها به.. وقد تدرسين تخصصاً لا تحبينه لكنك أيضاً تمتهنين مهنة لا علاقة لها به.

لماذا ندرس إذاً؟ إما لأننا نريد امتهان مهنة بما درسناه (وهو أمر غير مضمون)، أو لأننا نريد الشهادة فقط لأننا نعرف ماذا نحب الامتهان.

كلّ خيار من الخيارات لا تأكيد لحدوثه، وبالتالي وإن كنتِ للنصيحة سامعة، وطالما لم تستطيعي دراسة التخصص الذي تحلمين به رغم محاولاتك المتكررة، فدعي الأمر عنكِ.. ربما سبب تعلقك به كان لعدم حصولك عليه.. استمري في التخصص الذي تدرسينه الآن.. مضى نصفه أما كيف تتحملين النصف المتبقي؟

فكما أخبرتك.. تجاهلي وأعمي عيونك عن السلوكيات السيئة التي ترينها أمامك، لأنها لا تتعلق بتخصصك فقط وإنما هي موجودة بكلّ تفاصيل الحياة.. وادرسي تخصصك وكأنه واقع وجدتِ نفسكِ عليه كما وجدتِ والديك وحياتك دون أن تختاري أياً منهم.. بل حاولي دراسته بالطرق التي تبدعين فيها.. فشخص يجيد الكتابة وصناعة الحلويات ويرغب بتعلم برامج تدريبية في التسويق وما إلى ذلك سيكون قادراً على جعل تخصص البيولوجيا كأنه مشروع محتوى يجب أن يطلع عليه لينجز مشروعاً تمّ اختياره لتنفيذه، أو كأنه وصفة ضمن (اقرأ واستمتع) التي يجب الانتهاء منها لصناعة طبق حلوى فرنسي فاخر، تعاملي مع الأمر كأنه تحدي.. وإن اضطرك الأمر لتأجيل فصل واحد للابتعاد قليلاً ثم العوّدة، لكنه تحدي يجب أن ينتهي.. لأنني بالنهاية (كهاجر) أعرف ماذا سأمتهن، وماذا سأمارس في حياتي، وبماذا سأضع طاقاتي.. لكن عليّ أولاً الخروج من هذا الاختبار وتسليم المشروع في موعده وبشكل كامل.. لأتفرغ بعدها لما أريده لنفسي.

هذا ما يمكنني نصحك به.. وأتمنى أن تجدي طريقك لأنّ ما أراه شابّة متوترة الخطى لأنها تجهل الخطوة القادمة.. حاولي التمركز.. ولتبدأي من جديد تاركة كلّ مخاوفك خلفك.. لأنّ على أحدكما أن ينتصر.

جعلتني أفكر كثيرا بهذا التعليق

أشكرك جزيل الشكر، سأقرأه كثيرا هذه الأيام..


قصص وتجارب شخصية

شارك كل ما يحدث معك من قصص وتجارب حياتية مفيدة، واقعية، وغير منقولة. مشاركتك هذه قد تلهم الآخرين، وتنقذ حياة شخص ما.

76.9 ألف متابع