ما أكثر برامج تمويل ريادة الأعمال التي يقتصر التقديم فيها على السيدات فقط، مثل برنامج "هي تقود" الذي أُطلق حديثًا في مصر، والذي يهدف لدعم رائدات الأعمال بالتمويل والتدريب والإرشاد. لكن، رغم هذه المبادرات التي تعزز من الفرص أمام النساء، تبقى النساء الرياديات أقل تمثيلًا في السوق مقارنة بالرجال. وفقًا لدراسة حديثة من "المؤسسة الدولية للتنمية"، النساء يشكلن حوالي 30% فقط من رواد الأعمال حول العالم، بينما يشكل الرجال 70%، ورغم الدعم المتزايد والبرامج المخصصة لهن، لا يزال الطريق أمامهن مليئًا بالعقبات. من المعروف أن النساء يواجهن تحديات أكبر في الوصول إلى التمويل، وأحيانًا حتى في الحصول على دعم معنوي من محيطهن. ومع ذلك، لا يمكن تجاهل أن هناك نوعًا من التحامل الثقافي والاجتماعي، الذي يرى ريادة الأعمال نشاطًا ذكوريًا أكثر من كونه فرصًا متاحة للجميع. في ظل هذا التفاوت، يبقى السؤال: لماذا تُعتبر النساء الرياديات "أقل من الرجال" في سوق الأعمال، رغم الدعم الكبير المقدم لهن؟
لماذا تُعتبر النساء الرياديات “أقل من الرجال” في سوق الأعمال بالرغم من الدعم الإضافي المقدم لهن؟
لماذا تُعتبر النساء الرياديات "أقل من الرجال" في سوق الأعمال، رغم الدعم الكبير المقدم لهن؟
سؤال جيد جدا , يتجاهله معظم رواد الأعمال الذين يقدمون أنفسهم كداعمين للريادة النسوية للتغطية عن عجزهم رغم كونه واقع واضح للكل .
النساء يشكلن حوالي 30% فقط من رواد الأعمال حول العالم، بينما يشكل الرجال 70%
سأتكلم قليلا عن هذه الاحصائات التي أعتبرها غير ممثلة للواقع وكيف أنها تزيد الأمر سوءا بالنسبة لهاته النسوة وتمنع الدعم من التوجه الى المستحقات الحقيقيات له.
في بلدي وبلدان كثيرة هنالك قوانين صارمة تجعل من الصعب على الموظف أن يكون له عمل ريادي أخر أو ببساطة عمل حر مهما كان نوعه ,فيلجأ الكثير من الرجال الى فتح سجلات تجارية بأسماء زوجاتهن ,أمهاتهن أو حتى بناتهن الماكثات في البيت أو اللاتي لا تمارسن عملا حكوميا مصرحا به حتى ان لم يكن لهن دور فعلي في إدارة هذه المشاريع. هذا الأمر يؤدي إلى تضخم نسبة النساء الرياديات في الإحصاءات، بينما لا تعكس هذه الأرقام الحقيقة الفعلية لمشاركة المرأة في ريادة الأعمال. الأخطر من ذلك هو الاحتفاء بهذه الإحصاءات من قبل المؤسسات الداعمة، مما يجعلها بعيدة عن الواقع، ويمنع الدعم من الوصول إلى النساء اللواتي يحتجن إليه بالفعل.
في المقابل، هناك عدد كبير من النساء يعملن في الحرف اليدوية والمشاريع المنزلية، وهن الفئة التي يُفترض أن تكون المستهدفة بهذه البرامج. ومع ذلك، فإن الوصول إليهن يواجه عدة تحديات، أبرزها طبيعة الجهات القائمة على هذه المبادرات حيث تركز العديد من المؤسسات على تقديم صورة مثالية عن دعمهن لريادة الأعمال النسائية، وفق نماذج مستوحاة من السياقات الغربية، دون مراعاة طبيعة الأنشطة الاقتصادية التي تمارسها النساء في المجتمعات المحلية.
أحيانا هذه البرامج لا تأحذ بعين الاعتبار خصوصيات المجتمعات المحلية فتعرض طرق دعم غي فعالة في مجتمعاتنا مما يؤدي بهذا الدعم الى التوجه الى نماذج ضعيفة لكن مستوحاة من نماذج غربية بدل نموذج محلي لديه قدرة حقيقية على النجاح.
كذلك، تعاني هذه البرامج من عدم مراعاة الخصوصيات الثقافية والاجتماعية في تصميم استراتيجيات الدعم، أو حتى التقدم للدعم أذكر أن أحد البرامج الدولية الذي كان موجها لدعم المزارعات تم وضع استمارة تسجيل طويلة ومعقدة باللغة الانجليزية بينما الجمهور المستهدف كان قرويات بالكاد يجدن اللغة العربية بالاضافة الى فرض معايير معقدة للتقديم أو تقديم تمويل بشروط لا تلائم احتياجات المشاريع الصغيرة والحرفية.
كما أن نقص التوعية حول كيفية الوصول إلى هذه البرامج أو الاستفادة منها يجعل الكثير من النساء المؤهلات خارج دائرة الاستفادة الفعلية فحتى عملية التسويق لها تتم بطريقة نخبوية جدا وتمس فقط فئة أصلا تعتبر مرفهة .
في النهاية، لا يتعلق دعم ريادة الأعمال النسائية بمجرد تقديم التمويل والتدريب، بل بتحقيق بيئة داعمة تضمن وصول الدعم إلى من يستحقه فعلًا وهذه أكبر نقطة يجب التركيز عليها برأيي ، يجب تمكين النساء من تحقيق استقلالهن الاقتصادي بطرق تتناسب مع واقعهن وكفانا استجلابا لنماذج غربية وتطبيقها على واقعنا حسب ملاحظاتي هذا من أكبر المشاكل .
جانب آخر مهم لم يُناقش هو دور السياسات الاقتصادية والبنية التحتية في دعم ريادة الأعمال النسائية. حتى لو تم تصحيح الإحصاءات وتوجيه الدعم بشكل أفضل، فإن العقبات القانونية والاقتصادية مثل صعوبة الحصول على التمويل، ضعف شبكات الدعم، وغياب القوانين المشجعة لريادة الأعمال تظل تحديات رئيسية.
في كثير من الدول، لا تزال المرأة تواجه صعوبات في الوصول إلى القروض والموارد المالية بسبب عدم امتلاكها ضمانات كافية أو بسبب القيود الاجتماعية على الاستقلال المالي. كما أن غياب مساحات عمل ميسورة التكلفة، وضعف شبكات التوجيه والإرشاد، يجعل من الصعب على النساء تأسيس مشاريع ناجحة.
لذلك، يجب أن تتكامل برامج دعم ريادة الأعمال النسائية مع إصلاحات أوسع تشمل تسهيل الوصول إلى التمويل، تحسين بيئة الأعمال، وتوفير شبكات دعم قوية، بحيث لا يكون التحدي فقط في إعادة توجيه الدعم، بل في ضمان وجود بيئة ريادية حقيقية تستطيع النساء المنافسة فيها بفرص متكافئة.
في بلدي وبلدان كثيرة هنالك قوانين صارمة تجعل من الصعب على الموظف أن يكون له عمل ريادي أخر
فكرة عدم امتلاك الموظف الحكومي لشركة هو قانون يسري في العديد من البلدان وبالمناسبة تم تعديل هذا القانون في مصر وهو من الأساس له ثغراته وألاعيبه التي لا داعي لذكرها في هذا السياق؛ لكن بالنسبة لما أتكلم عنه فالبرامج التي تعطي الدعم للنساء هي تعطي الدعم للمرأة التي تعمل على مشروع ريادي وليس شركة أو مشروع تقليدي لذلك لحد كبير هذه الإحصائية صحيحة.
في المقابل، هناك عدد كبير من النساء يعملن في الحرف اليدوية والمشاريع المنزلية، وهن الفئة التي يُفترض أن تكون المستهدفة بهذه البرامج.
يا وصال هذه البرامج التي تتكلمين عنها هي مشاريع صغيرة وحرف صغيرة ليست منوطة بها حاضنات ومسرعات الأعمال بل من يعمل عليها هي التمويلات المحلية والدولية المنوطة بالمشاريع الحرفية أو المشاريع الصغيرة والمتوسطة ويمكن تمويلها أيضا من بعض البنوك أو الحصول على قروض حسنة؛ يمكن تحويل مثل هذه المشاريع إلى مشاريع ريادية مبنية على التكنولوجيا أو قائمة عليها لكن ببعض التعديلات والتي تتطلب أن تكون صاحبة هذا المشروع الريادي لديها الفكر والرغبة لفعل هذا، أما الشركات الناشئة هي شركات تعتمد على أصول قليلة وتكون قابلة للتوسع السريع أو حتى التوسع بشكل عام بدون تكاليف تشغيل كبيرة.
فحتى عملية التسويق لها تتم بطريقة نخبوية جدا وتمس فقط فئة أصلا تعتبر مرفهة
هذه نقطة مهمة جدا للنقاش لأن هذا فعلا هو أحد الأسباب الحقيقية لعدم وصول الكيانات أو الهيئات الداعمة لرواد الأعمال حتى لرواد الأعمال من الرجال، فهناك مسابقات لا يدخل فيها أو يعرفها إلا المعتادين على دخول البرامج والحصول على تمويلات.
لكن مواقع التواصل الاجتماعي ولوغريتماتها أصبحت الآن متطورة بالشكل الكافي الذي يُظهر لكِ الأشياء أو المواد التي تهتمين بمتابعتها.
يعني مثلا يمكن بعد محادثتنا هذه أن تظهر لكِ كل الفرص التي ترتبط بريادة الأعمال والتمويل لأنكِ دخلتي معي في محادثة على شبكة الإنترنت. بالنسبة لي مثلا هذا يكون كافيا لمعرفة الفرص الجديدة فهل يمكن أن يعوض عن نقص التوعية أم أننا نحتاج للمزيد؟
التعليقات