السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة للجميع. أود أن نفتح نقاشا هنا حول الأساليب العملية والتربوية التي من شأنها زجر الطلبة والتلاميذ المخالفين، فبرأيي هذا الموضوع شائك، خصوصا إذا تحدثنا عن العقاب البدني (الضرب) بين مؤيد ومعارض..
أرجو أن نتشارك تجاربنا هنا، وأن نقدم حلولا عملية يمكن أن تفيد كل معلم..
في انتظاركم :)
يجب في البداية على المربي ان يفهم السبب الحقيقي الذي ادى بالطالب بأن يخطئ، ووفق السبب يتخذ العلاج، لذلك يجب على المربي ان يكون قريب من الطلبة حتى يستطيع ان يؤثر فيهم بدون ضرب.
فهم السبب الحقيقي من المربي يحتاج إلى مهارات و قدرات معينة، قد تكون موجودة لديه و قد لا تكون؛ لذا على المربي أن ينمي معارفه حول ذلك بالقراءة و التدريب، و أيضا بالاستفادة من تجارب زملائه المعلمين.
و نقطة أن يكون قريب من الطلبة حتى يؤثر فيهم، هذه نقطة مهمة جدا، و هي تعني أن يكون المعلم قائدا لصفه، و هذه أسمى مهمة للمعلم في صفه القيادة و التأثير، و لا تأتي إلا من خلال امتلاكه لمهارات عديدة يأتي في مقدمتها مهارات التواصل الفعال مع طلابه.
السؤال هو: كيف؟ فمن السهل أن نقول إن على الأستاذ أن يفهم السبب الحقيقي وأن يكون قائدا مؤثرا، لكن كيف؟ حبذا لو نتشارك الحلول العملية حتى نستفيد أكثر..
أشكركم على الاهتمام..
مثل هذه المواضيع لايمكن ان تضع الحلول في نقاط معينه ويأتي المربي ليتبعها، هذه مهاره يجب ان يمتلكها المربي اولا وإلا لماذا هو مربي !!
يعني كمثال لاحد الحلول اعزمه على كوب عصير واجلس دردش معاه دردشة عفويه ومن ثم قله مارأيك في مافعلته هل ترئ نفسك صائب، انا متأكد ان 90% من الطلبة سينحرج ويبدأ بالتأسف ولن يكرر خطأه مره اخرى.
او مثلا ً اعمل زيارة لبيت هذا الطالب وقابل والده لكن بدون ما تخبر والده ان ابنه مخطئ فقط زيارة سريعه تتعرف على والد الطالب عن قرب وعلى الطالب ايضا ً.
صحيح، لا تستطيع أن تقول للمعلم افعل و لا تفعل، هناك خلفية تربوية علمية يجب أن تكون حاضرة في ذهنه، و قبل ذلك شعوره بالمسؤولية و الأمانة.
فمثلا لو قلت له يجب أن تضع القوانين، و التزم بذلك بكل ما يتعلق بالقوانين، سيعود ليقول: ألزمتهم بالقوانين و لكنهم مازالوا يخالفون. ثم يتضح أنه فعلا قد وضع القوانين و التزم بها، و لكن أسلوبه في التدريس ممل و رتيب يبعث الطلاب على التململ و المشاغبة. و قس على ذلك، في حين تركز على جانب تهمل جانب آخر، فيختل النظام. إذن هي خلطة و مجموعة من الأمور التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار.
لكن ألمح هنا قضية طالما فكرت فيها ، و هي عندما يكون لدينا أهداف سامية، و تحتاج إلى إجراءات و خطوات للتنفيذ و للحصول على نتائج تحقق تلك الأهداف، فإن هذه الإجراءات و مع تفصيلها و تحديدها يوما بعد يوم تفقد ارتباطها بالهدف العام ، و تصبح بلا روح، و تكون مجرد إجراءات عقيمة لا تسفر عن أي نتائج أو مخرجات.
و هذا يعيدنا مرة أخرى إلى قضية تأهيل المعلم و إدراكه لمسؤوليته كمربي.
يمكن رؤية هذا الموضوع في مستويين، عام و خاص:
على المستوى العام :هناك اعتبارات عامة و تبدأ بالإجراءات الوقائية؛ أي تهيئة بيئة صفية تشجع على الانضباط و تقلل من ظهور تلك المخالفات، و من ذلك:
تفهم احتياجات الطلاب خاصة لو كانوا صغارا فهم مثلا يحتاجون إلى الحركة، و يصعب عليهم أن يجلسوا ثابتين لفترة طويلة.
و أيضا استخدام أساليب تدريس تجذبهم و تحقق لهم حاجتهم كالتعليم باللعب أو التعليم بالمحسوس أو التعلم التعاوني ( و هذا تحديدا يحتاج إلى تدريب الطلاب على ضبط قوانينه).
توجيه عملية التعلم بتعريف الطلاب من بداية الحصة بأهداف الدرس.
و بالطبع قبل ذلك كله التأكد من البيئة الفيزيقية من درجة الحرارة، و إضاءة ، ومناسبة تنظيم المقاعد و الطاولات.
و ضع قوانين للصف بمشاركة الطلاب منذ الأسبوع الدراسي الأول، و إشراكهم في وضعها و إشراكهم في وضع عواقب مخالفة تلك القوانين- و لن نسميها عقاب- و قد نحتاج لتثبيت تلك القوانين على جدار الصف باستخدام بطاقات إرشادية لتذكيرهم بالقوانين بمجرد الإشارة، و ربما مراجعتها في بداية الحصة، و أن يكون هناك طريقة في احتساب المخالفات، و أيضا طريقة لتعزيز المتلزمين بالقوانين، و تعزيز السلوك الإيجابي مهم جدا لا سيما في بدايات التدريب على الانضباط.
و أن يطبق ما سبق في جو اجتماعي و ودي، و تأكيد المعلم للطلاب بأنه يحبهم و يحترمهم، و أننا قد اتفقنا على القوانين و على عواقب مخالفة تلك القوانين، و أن من يخالف هو من اختار أن يخرق السلوك، و عليه أن يتحمل مسؤولية ما اقترفه، و عدم إظهار أي مشاعر غضب أو انتقام، أو تهديد للطالب.
الفصل التام بين السلوك الخاطئ و الطالب، فالسلوك هو الخطأ و ليس الطالب، و ألا يوصف الطالب بالمشاغب أو المهمل أو أي صفات أخرى تشعره بالدونية ، و تجرؤه على تكرار المخالفة.
أما على المستوى الخاص فربما يكون هناك حالات خاصة بين الطلاب تصدر منهم المخالفات لأسباب غير صفية، ومنها:
مشاكل أسرية .
مشاكل صحية.
مشاكل في الإدراك و الانتباه كصعوبات التعلم، أو حالات التشتت و فرط الحركة.
و هذه تحتاج إلى دراسة من قبل المرشد الطلابي أو الإخصائي الاجتماعي و ولي الأمر من أجل تخطي هذه المشاكل، و لأن هذه الحالات تؤثر سلبا على استقرار الصف و سير التدريس.
أما بالنسبة للضرب، فالضرب قد يكف السلوك ظاهريا، و لكنه لا يربي الطالب على الانضباط و تحمل المسؤولية، فهو أقرب للانتقام منه للتربية.
هذا ما لدي و نتمنى الاستماع إلى مزيد من الآراء و التجارب
نقاط جد مهمة أختي مريم تشكرين عليها، فقد كان غرضي من فتح هذا النقاش تحديدا هو أن نتبادل التجارب العملية بدل الحديث عن العموميات.
قد يكون من السبل الجميلة أيضا هو تحفيز الطلاب، لكن هذا التحفيز قد لا يتوفر في أية بيئة مدرسية، فمثلا نحن في المغرب قد ندرس في مدارس لا تحمل سوى الاسم الذي يدل على أنها مدرسة، وفي فضاء لا يرتقي ليكون تربويا، ومع وضعية المعلم المتردية فإنه يصعب أن يوفر تحفيزات للتلاميذ بشكل مستمر. في ظل هكذا ظروف يكون التحدي أصعب على ما أرى.
شخصيا اتبعت مع تلامذتي (أي طلابي) أسلوب التشارك في نسج قانون في بداية السنة الدراسية، وقد اتفقنا على جملة من النقاط ثم جملة من العقوبات، ولم نجعل الضرب ضمن العقوبات، ثم قمت بطبع تلك النقاط بعد كتابتها على الحاسوب وكتابة ورقة أخرى عليها أسماء التلاميذ وخانة للتوقيع، حيث وبعد اطلاعهم على الصياغة النهائية لما اتفقنا عليه، وقد كان مبسطا على شكل نقاط، مررت عليهم ورقة التوقيعات حتى يتحملوا المسؤولية، وحتى يتدربون على إجراءات سوف يحتاجونها في حياتهم العامة مستقبلا.
النقطة المهمة والخطيرة برأيي في هذا كله هي التطبيق الفعلي لما جاء في القانون الذي تمت صياغته، فلا المبالغة في التشدد في تطبيقه تنفع، ولا التساهل الكبير ينفع، وبذلك يجب شد العصا من الوسط كما يقال، وذلك هو الأصعب.
أيضا علينا ألا ننسى أن هناك فئة من الطلاب يصعب أن تجد معهم طريقة تردعهم عن تصرفات تكون أحيانا مشينة، خصوصا في حق زملائهم. شخصيا ورغم أنني دائما ما أستمع جيدا للتلميذ المشتكي والمشتكى منه وأسأل عن الشهود لأعطي كل ذي حق حقه، ثم في النهاية أشجع على طلب الاعتذار من المذنب والسماح ومن المظلوم، إلا أن هناك فئة خاصة من الطلاب أحتار أحيانا في ردعها، لأنها سرعان ما تعود إلى ما فعلت وكأنها ترى طلب الاعتذار أمرا ييسر لها الطريق لتكرار نفس الخطأ، وهنا فأنا لا أنكر أن الضرب كوسيلة يكون حاضرا أحيانا خصوصا فيما ارتبط بجانب الأخلاق، لكن شريطة أن الطالب يكون واعيا تماما ومدركا إلى أنه قد تعدى كل السبل، لأن أصعب شيء بنظري هو أن يعاقب وهو يشعر بالظلم، وهو ما أحاول تجنبه.
طبعا حتى في ديننا الحنيف يعد الضرب وسيلة تربوية لكن في حدوده المعقولة، فحتى رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام أمر بتعليم أولادنا الصلاة لسبع وضربهم عليها لعشر، وطبعا إن نحن علمناهم إياها لسبع فغالبا لن نحتاج إلى ضربهم عليها لعشر، لكنها إشارة تحمل حكمة ووحيا من رسول العالمين إلى أن الضرب له مواقف يكون فيها هو الحل، لكن طبعا الضرب المعقول الواعي الذي يكون للتربية وليس للانتقام.
من الجميل أن نتشارك تجاربنا العملية التي يقوم بها كل واحد منا كأستاذ، فبذلك نستفيد من بعضنا البعض.
شكرا لك مجددا أختي مريم ولكل من أدلى بدلوه هنا..
ذكرت نقطة مهمة جدا و هي التطبيق الفعلي، فهناك الكثير من الكلام حول الموضوع حيث بدأ بما يسمى ضبظ الصف، و تحول إلى إدارة الصف، و الآن يتحدثون عن قيادة الصف.
هناك الكثير من الكلام الجميل في الموضوع و الذي يستطيع أن يتحدث عنه الجميع و الكثير من الكتب و المقالات و المواقع، فالمعرفة والمعلومات موجودة و يبقى التحدي في التطبيق العملي، و هنا تحديدا تكمن مشكلتنا، نستيطع التحدث عن جميع الموضوعات التربوية و مستجداتها، و لكن لا أثر لها في التطبيق.
و حتى لا أكرر كلامي دعني أشاركك بتجربة أفادتنا في مدرستنا في تحسين سلوك الطالبات، و هي أننا وفرنا في الفصول أدوات نظافة؛ كالمكنسة و المجرفة و بعض قطع قماش للتنظيف و بخاخ ماء ..، و الهدف من ذلك تعليم الطالبات بأن نظافة الفصل مسؤوليتهن، و أن على كل من يتسبب في اتساخ الصف عليه أن ينظف مكانه، وجدنا أن الطالبات بين الحصة و الحصة يعملن كخلية نحل في التنظيف و الترتيب .. خاصة أولئك الطالبات كثيرات الحركة.
فظهرت لنا فائدة إضافية إلى جانب فائدة تعليمهن الانضباط و تحمل المسؤولية، ألا و هي تصريف حاجتهن للحركة، و أصبحت مثل فاصل تنشيطي بالنسبة لهن، يؤثر إيجابيا على انتباههن أثناء الدرس.
و شكرا لك على هذا المشاركة التي هي من واقع الفصول، و هذا ما نحتاجه بالفعل.
أشكرك أختي الكريمة مريم، فلقد أدركت المغزى من فتحي لهذا الموضوع، وهو أن نتشارك تجارب عملية نفيد بها بعضنا بعضا. الأمر يختلف أكيد عما ربما قد يكون فهمه البعض من أنني أسأل عن تعليمات حرفية.. طبعا لكل م أسلوبه الخاص والأسلوب لا يلقن، تماما كما لكل واحد منا شخصيته الخاصة، لكن قطعا لنا تجارب عملية نعيشها ونطبقها يمكنها أن تفيد غيرنا..
راقتني عملية النظافة تلك، وأدعو باقي الإخوة الكرام الذين وجدوا في أنفسهم رغبة في المشاركة في هذا الموضوع بأن يشاطروننا تجاربهم.
تحياتي.
التعليقات