كثيرًا ما نسمع معلم يوبخ طالب ويصفه بالغبي لأنه لا يستوعب ما يشرحه، وغالبًا ما سنجد أن الجميع يلوم على هذا الطالب حتى أهله، ويضعونه دائمًا في خانة الغبي بطئ الفهم، وهذه قد تكون أقل الكلمات سوءًا التي يتعرض لها الطفل. ومن ناحية أخرى يرى الكثير من الأشخاص أن عدم فهم الطلبة يقع لومه على المعلم، لأن دور المعلم في الأساس هو توصيل المعلومة بأبسط طريقة وبما يناسب قدرات كل طالب على حدى، أي أن المعلم الذي لا يستطيع إيجاد طريقة مناسبة للطفل لكي يفهم ويستوعب على حد قولهم هو معلم "فاشل" لأنه أخفق في مهمته الأساسية، وبغض النظر عن أي من وجهتين النظر هي الأصح، ولكننا في كل الأحوال أمام مشكلة تحتاج للحل، فكيف برأيكم يمكن سد الفجوة بين ما يحتاجه الطالب وما يقدمه المعلم؟
طالب غبي أم معلم فاشل؟
وأنا لا أتحدث عن ذوي الاحتياجات الخاصة, بل أصحاب الذكاء المنخفض الذين يتم نعتهم بالغباء, هؤلاء الأطفال لهم برنامج دراسي خاص في دول عدة, في حين لا يوجد تقييم ذهني للطلاب بأغلب الأنظمة التعليمية العربية.
بالنسبة للمثال الذي سردته عن معلمة الرياضيات التي كانت بالأصل مشرفة اجتماعية, فهنا من الذي يُلام؟ المشرفة الاجتماعية أم النظام؟ لا يمكن أنا كمسؤول على التعليم أن أجلب شخصا من الشارع لتدريس الأطفال مادة لا يفقهها ومن تم ألومه على النتيجة! هذه المشرفة لم تزور أوراقها وتدعي كذبا أنها حاصلة على شهادة في ديداكتيك الرياضيات, بل تم جلبها لسد الخصاص.. إذن المشكلة في من خلق هذا الخصاص منذ البداية, لماذا لا يوجد معلمون بدلاء على أهبة الاستعداد في حال مرض أو موت المعلم؟ ولماذا يتم سد الخصاص بأطر لا علاقة لها بالتعليم؟
أصحاب الذكاء المنخفض ممن خضعوا لاختبارات ومقاييس حددت نسبة ذكائهم وأقرته بأقل من الطبيعي يقعون تحت بند "ذوي الاحتياجات الخاصة"، لأنهم يحتاجون بالفعل احتياجات خاصة عن اقرنائهم العاديين. أما بالنسبة لحالة المثال الذي أشرته أنا أردت توضيح أن الطالب قد لا تكون المشكلة منه إطلاقا ولكن في أسلوب شرح المعلومة، وبعيدا عن معلمة الرياضيات التي ذكرتها، الأمر تكرر معي بشكل شخصي في مراحل تعليمية مختلفة وفي مواد مختلفة وكانوا معلمين مختصين بالمادة، بل منهم دكاترة الجامعة الذين هم أكثر ارتباطا بالمادة العلمية ولكن قدرتهم على توصيلها ضعيفة جدا، رغم نبوغهم فيها على مستواهم الشخصي.
ليس بالضرورة أن يكون أصحاب الذكاء المنخفض من ذوي الاحتياجات الخاصة, فهذا مصطلح يطلق على من ذكاؤه منخفض بشكل معيق للحياة وبحاجة لمعاملات خاصة في الحياة بشكل عام, يجب أن يحصل على نقاط منخفضة في مقياس السلوك التكيفي, أما في مجال التعليم فيتم مراعاة القدرات المختلفة للبشر, الذكاء درجات عدة وأقل من المتوسط بقليل مازال يعتبر إنسانا طبيعيا ولا يصنف من ذوي الاحتياجات الخاصة ولكنه يواجه صعوبات دراسية وبحاجة لدعم دراسي إضافي وبرنامج خاص ولذا يتم تصميم برامج تعليمية تراعي الاختلافات في القدرات, نحن نتحدث عن من يتم نعتهم بالمدارس بالأغبياء والذين يرسبون في سنوات دراستهم ولكنهم أطفال عاديون يعيشون حياتهم بشكل طبيعي هم ليسوا من ذوي الاحتياجات الخاصة, وإلا فإن ربع المجتمع من ذوي الاحتياجات الخاصة.
بالنسبة لتجاربك فهي معممة علينا جميعا, فنحن جميعا درسنا في المدارس العربية ونعلم جيدا أن بعض المعلمين يتركون الطلاب بالفصل ويخرجون لتبادل أطراف الحديث, وبعضهم يبدأ يعاني من مشاكل عقلية ويصير أضحوكة بالفصل أمام طلابه وهو يقوم بتصرفات غريبة, والبعض يكتب على اللوح الدرس وهو صامت لا يشرح ويطلب من الطلاب الكتابة وراءه, وغيرها من القصص التي لا تنتهي...
ولكن دائما من الملام؟ النظام! لماذا هذه القصص لا يرويها مثلا الطلاب بفنلندا؟ لأن هذه النماذج لاوجود لها هناك, بفضل النظام التعليمي المحكم الذي يبدأ منذ اختيار المعلم الكفؤ ومن تم تعليمه الأسس البيداغوجية التربوية وديداكتيك المادة التي سيدرسها بشكل جيد جدا فيصير يجيد أساليب التربية والتعليم, ثم توفير التكوين المستمر لهذا المعلم على مدار حياته المهنية والعديد من الموارد والدعم اللوجيستيكي, ثم نظام المراقبة بالفصل والتقييم والتتبع لهذا المعلم وما إذا كان يعاني من مشاكل نفسية أو اضطرابات أو أنه متسيب أو لا يقوم بعمله على أكمل وجه وهكذا....
التعليقات