علم غزير لا يعتمد على ضمير ، لايعدو أن يكون خرابا للنفوس.
"علم غزير لا يعتمد على ضمير ، لايعدو أن يكون خرابا للنفوس"، ما رأيك بهذه المقولة؟
اختلف معك يا رضى، ما نزل العلم الحقيقي في قلب رجل إلا أصلح شأنه، وزان عقله، رفع قده، فتتسع به الافاق والنفوس.
في الحقيقة أنت تحتاج الى تدقيق معنى الضمير، ماهو الضمير الذي تقصد، الضمير الخلقي ام الضمير المهني وما هو اساس الضمير عندك المجتمع ام الدين ام العقل؟
سأتفق معك ان الضمير هو الضمير الاخلاقي الذي يترتب باقي السلوكيات في المجالات الاخرى منها العلم، لكن أليس العلم حياديا، أليس العلم الحقيقي هو العلم الموضوعي، يقول غاستون باشلار : عندما ادخل المعمل اي المخبر العلمي اخلع افكاري ومعتقداتي وحياتي وشخصيتي كما اخلع نعلي عند باب المعمل، وعندما انتهي واخرج منه ، اترك العلم في المعمل وامضي الى حياتي"
فبأي منطق تخلط العلم والضمير يا رضى؟؟
وما فائدة العلم يا خلود إذ لم يحسن الانسان استخدامه؟! قد يكون انسان لديه معرفة قليلة ولكنه احسن استعماله على العكس من شخص ملم بالمعرفة يمتلك معلومات كثيرة ولكن للأسف لم يحسن استعمالها!
هناك نوعين من المعرفة .. المعرفة النظرية وهي الافكار والمكتسبات والخبرات غير الملموسة التي يجمعها الفرد من خلال القراءة او المشاهدة وهي معرفة صفرية معظم الوقت لانها تبقى معرفة سطحية غير منتجة إلا اذا ما تم نقلها لشخص اخر يمكن ان يستغلها.. في هذه الحالة تعتبر معرفة منتجة، او اذا كانت في حالة العمق الفكري الكبير كالذي يصل إليه المفكرون والفلاسفة والباحثون والفنانون والادباء في هذه الحالة تكون المعرفة المتوصل إليها معرفة مضافة.
اما النوع الثاني من المعارف وهي الأهم، هي المعرفة الممارسة التي تأتي بالتجربة والتطبيق والاحتكاك بالمجال واقعيا واختباره بالفعل والدخول في غماره خطوة بخطوة، في هذا النوع هو المعرفة الحقيقية المنتجة... ولا يمكن ان تكون معرفة سيئة بأي حال لان الواقع سوف يتكفل بإنهائها في حال ما كانت لا تستحق الاستمرار.
المعرفة الصحيحة الدائمة هث المعرفة التي تجمع بين النوع الاول والثاني فتكون عملية ممارسة مع الفهم النظري والاستعاب الفكري، اما اذا فقط تنظير فهي ليست من الحكمة ولا العلم في شيء.مع الاسف الاغلبية من البشر يعتبرون هواة للمعرفة وليسوا عارفين، فيقعون في حدود التصنيف الأول فيسيؤون للمعرفة والعلم ولأنفسهم بجهلهم وسطحيتهم.
فيما يتعلق بالخلط الذي طرحت خلود فيمكن التعقيب عليه بقولنا : أنه شتان بين العلم والضمير ، لكن ما نؤكد عليه هو خلق توليفة متزنة بين الروح والعقل ومنه ستقفين عند المحرك الحقيقي لشعلة الضمير نحو معاني الخير والقيم ومن ثمة ينطلق السلوك كاستجابة تلقائية بصرف النظر عن روافد هذه العلوم ...أما قراءتك ووجهة نظرك فيما يتعلق بغاستون باشلار لا تعدو أن تكون خارج التأويل التجريبي للعلوم الذي لم ولن يقدم من وجهة نظري الخاصة أية إضافة على مستوى الجهاز النفسي للبشرية إن لم يكن عاجزا عن فهم خصائصها ضف على ذلك أن منظومة العلوم برمتها لا تقتصر على ما هو تجريبي صرف ، من هذا المنطلق أرى أن الحكم على أشياء مثل القيمة والأخلاق له علم خاص به بعيد كل البعد عن المقاربة التجريبية . تحياتي.
موقفك لا يزيد الوضع إلا سوء با رضى، بعد ان علقنا في معضلة الضمير ماهيته وأصله، ها انت تخلق لنا معضلة اكبر وهي العقل والروح، والاهى من ذلك هو وضع الجميع في مقاربة علمية، مع انه لا يخفى على أحد أن كل هذه لا علاقة لها بالعلم من بعيد او من قريب، لذلك اعتقد بأن علينا الاتفاق اولا على أرضية مشتركة للنقاش من اجل تحديد المسلمات التي سننطلق منها، عن نفسي اناقش المسألة من منضور فلسفة الاخلاق والابستيمولوجيا، ولا علاقة لي بالنقاشات العامة التي يتم فيها خلط الافكار العلمية بغير العلمية والنتقل بين افكار يعترض عليها العلم اصلا.
التعليقات