لغة الدعاة ولغة العوام

  • أهمية اللغة:

إن مما لا شك فيه أن اللغة هي من أهم أنواع التواصل البشري إن لم تكن الأهم، ولذلك جاء القرآن بلغة عربية فصيحة مبينة لما فيه من أحكام ومواعظ وأحداث ومعلومات، والأمر كذلك في غير القرآن، فأهمية اللغة كانت حقيقة واضحة منذ القدم، ولدى اصطلح كل أمة على لغة يتواصلون بها ويوصلون من خلالها المعاني والمشاعر والعلوم والمفاهيم، والأمر أوضح من أن يُدلّل عليه. 

ولمّا كان الأمر كذلك، لزم من كونها أداة مهمة للتواصل البشري أن يكون المعنى ظاهرا للمتكلم والسامع فإن فُقد هذا الشرط فقدة اللغة قيمتها وأهميتها، إذ لو لم يكن المعنى ظاهرا للمتكلم او مفهوما للسامع لكان الكلام بها من العبث والهذيان.

  • لغة الدعاة والعوام:-

وبناء على ما تقدم إنه لمن المؤلم أن نرى الدعاة اليوم في المنابر والخطب والدروس وفي كل مناسبة، يتكلمون بلغة لا يفهمها العوام وليست من لغتهم، وذلك لأسباب كثيرة لا يسع المقام بسطها، ولكن لم ولن تكون مبررا لتجاهل حال الناس من الدعاة او الشيوخ الذين يقعرون في لغتهم ويشددون اللفظ، ظن منهم أن ذلك هو الصواب او أن ذلك عائد عليهم بالإتقان والضبط في اللغة، متجاهلين تماما حاجة الناس لعلمهم الذي هو أمانة يحملونها وسوف يسألون عنها إذا لم يؤدوها بحقها. 

ولذلك وجب على الدعاة والمشائخ انتقاء اللغة السهلة البسيطة التي يفهمها عوام الناس، هذا إذا لم يحتج الأمر التحدث بلغة العوام، وإلا وجب التحدث بها، وذلك لفقدان المقام قيمته إن كان يخطب في الجمعة أو منبر في أحد المناسبات أو اي كان نوع الخطاب؛ لأن الغاية من توجيه الخطاب هي وجود متلقٍّ سامعٍ فاهمٍ لمعناه، فإن انتفت هذه الغاية سقطت قيمة الخطاب. 

وينبغي أن لا يتسرب لذهني القارئ أن المراد إهمال اللغة -وخصوصا اللغة العربية لأنها لغة القرآن- والإعتماد على اللغة "الدارجة"، بل المقصود عدم إهمال القصد الأساسي من الخطب والمواعظ المراد إيصالها للسامع، ولن يتم ذلك إلا بلغة يفهمها السامع كما تقدم، وفي ذات الوقت ينبغي التنبيه على أهمية اللغة العربية -تحديدا- وحمل الناس على تعلمها ونصحهم بها لأن القرآن جاء بها. 

الخلاصة:

اللغة أداة تواصل مهمة، وللإنتفاع بها ينبغي أن يكون المتكلم بها والسامع لها فاهمان لمعانيها مدركان لها. 

فعلى الخطباء والدعاة والمشائخ مراعاة هذا الشرط والأخذ به، والتحدث إلى الناس بلغتهم التي يفهمونها. 

خاتمة:

وفي الختام، إن الأمة اليوم في أمس الحاجة لمن يرشدها وينصحها ويزيل ظلام الجهل عنها، ولن يتم ذلك إلا بلغة تفهمها الأمة وتحيط بمعانيها، فلذلك لزم على الدعاة التحدث بلغة الأمة، وأن لا يقعروا الكلام ويأتوا بالغرائب.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين