ما الدافع وراء هجرة خيرة شباب الوطن إلى دول الغرب؟ وما مصيرهم إذا ما تمكنوا من الوصول؟ وهل ستواجههم عقبات في طريقهم المنشود؟

سأخبركم بتفاصيل ما حدث مع أقرب الناس إليّ. لقد كان جاري طالباً مجتهداً في كافة علوم الدراسة وتخرج من الثانوية العامة المرتبة الأولى على شباب دفعته، ولكن لم يحصل على منحة تمكنه من التقدم في التخصص الذي يريده. أصيب باكتئاب حاد لدرجة أنه قرر الانتحار. وهل يقتله طموحه؟! 

بدأ يشتم طموحه والحياة كره كل شيء يدعو للحياة. وأوشك طموحه على القضاء عليه، إلا أن جالت في خاطره فكرة الهجرة إلى بلد أوروبية على أمل أن تكون حقنة تخدير لطموحه الشاب. "تترنح حياته بين مطرقة الهجرة وسندان المبيت، طموحه دموع يراها على وجه أمه. أهي دموع فرح أم حزن. وحدها الهجرة هي الأمل لكي يسافر إلى مدينة أحلامه".

 انطلق ليلحق بمراكب الهجرة إلا أنه عند وصوله لم يلاقِ من المعاملة إلا القسوة والوحشية. وبقي لمدة عام كامل دون أن ينجز شيئاً في حياته فيما يسمى مدينة الأحلام. حصل على وظيفة بدوام جزئي ولكن ليس في التخصص الذي يريد. وفي يوم من الأيام قرر أن يرجع إلى بلده وجلس وحده في مقهى على الطريق، إلا أن رجلاً يتحدث معه ويدله على مكان يعطي اللاجئين حقوقاً في هذه البلد ويسجلهم في مدارس وجامعات، قال لأطلق الطلقة الأخيرة التي لدي وأحاول النهوض مجدداً. ذهب والتحق بإحدى الجامعات ولقي ترحيباً واحتفاءً ولم يواجه أي صعوبة في إظهار موهبته. أصبح جاري مدرساً مشهوراً ومهماً في أوروبا يعقد الندوات والمؤتمرات ولاقى هناك طموحه الذي افتقده في موطنه. وعندما دبَّ الحنين في قلبه وأراد العودة إلى وطنه ليُخبر أهله بمكانته العلمية المرموقة التي وصل إليها، تم منعه من العودة للوطن وتهديده بكافة أشكال التهديد.

ما أستخلصه من قصة جاري، هو أنَّ الهجرة ليست الحل الأمثل، فما ستلاقيه خارجاً سيُصعِّب عليك الحياة البسيطة التي ستعيشها بين أفراد عائلتك. كان يجدر به أن يسعى ويحاول جاهداً بين أفراد وطنه ويقول: إذا كانت الرياح تجري بما لا تشتهي السفن؛ فسأنصب شراع الأمل على سفينة التفاؤل رغماً عنه.