مُنْذُ أَنْ رَأَيْتُ ذَلِكَ الْمُحَامِي الَّذِي يَبْدُو عَلَيْهِ الدَّهَاء بِعَيْنَي الثَّعْلَبِ الْمَاكر يَرْتَدِي كَمَامَتَهُ الْقَاتِمَةَ لِتَزِيدَ غُمُوضَ هَالَتِهِ الَّتِي تُوحِي بِالْقَسْوَة وَالْخَطَرِ تَوَجّس قَلْبِي وَخَفقَ بِشِدَّةٍ وَسُرْعَانَ مَا بَدَأَ الدَّمُ بِالِانْدِفَاعِ بِحُرْقَةٍ فِي عُرُوقِي فَبِت كَبُركَانٍ هَائِجٍ ظَهَرَ ذَلِكَ فِي عَيْنِي بكُلّ وُضُوح، أَرْمُقُهُ بِنَظَرَاتٍ كَسِهَامٍ نَارِيَّةٍ تَخْتَرِقُ وَجْهَهُ الْأَصْلَعَ الْمُتَحَجِّر كَمَنْ قَتَلَ رُوحَهُ وَكُلُّ مَا تَبَقَّى مِنْ إِنْسَانِيَّتِهِ كَيْ يُدَافِعَ عَنِ الْجُنَاةِ بِكُلِّ مَا أُوتِيَ مِنْ قُوَّة لَمْ تُغَادِرْهُ سِهَام نَظَرَاتِي مَا انْ أَطْبَقْتُ أَصَابِعِي الَّتِي حَطَّمَتْ عِظَامَ رَقَبَتِهِ بِيَدَي الْمَلِيئَتَيْنِ بِالْغَضَبِ وَالِاشْمِئْزَازِ مِنْ عَدُوِّ الْحَقِّ ذَاكَ  حَتَّى أَفَقْتُ عَلَى تَنَاثُرِ دَمِهِ عَلَى حَائِطِ الْغُرْفَةِ إِثْرَ ارْتِطَامِ جُمْجُمَتِهِ الصَّخْرِيَّةِ بَعْدَ أَنْ ضَرَبَتْهَا  بِالْجِدَارِ الْقَانِطِ خَلْفَهُ وَاَلَّذِي لَا يَخْتَلِفُ عَنْ جَوْهَرِ ذَاكَ  الرَّجُل

قَتَلْتُه!! نَعَمْ قَتَلتُه لِلْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ أَوْ الْخَامِسَةِ فِي مُخَيلَتِي بِالطَّبْعِ فَلَسْتُ بِقَاتِلٍ فِي النِّهَايَةِ....