💡
من هو المأسور!؟
المأسور أنا و أنت و من يرانا لكن لماذا نحن مأسورين!؟
المأسور محاصر من جميع الجهات بطرق تمنعه من الخروج مما حاصره لكن من الذي حاصرنا و بماذا حاصرنا!؟
ما يحاصر الإنسان من جميع الأبعاد الذهنية هو ما استهدف حواسه و طغى على مداركه و تحكم بأفكاره و قراراته و اختياراته التي ظن المحاصر بأنها وليدة أفكاره.
يحاصر الإنسان منذ ولادته بالمعروف و المشهور و المعتاد و المكرر الذي يصبح من القوانين و القواعد و الشروط المكونة للنظم و العادات و الطبائع و الصفات و المواصفات و هذا يصل لمداركنا عن طريق التعليم و التربية و التلقين فالبيئة محاصرة بالموروث الذي فيه ما يجب أن لا نتقيد به لكن ليس هذا موضوعنا فالذي يحاصرنا أخطر مما حدث قديما.
عندما نفكر فيما نلبسه و نأكله و نشربه و نستخدمه و نختاره و نشتريه و نحتفظ به سنكتشف بأن الكثير مما بين أيادينا فرض علينا بطرق أوهمتنا بأن ما نمتلكه من اختيارنا فما هذه الطرق التي تحكمت بعقولنا!؟
الإعلانات التجارية و الدعايات و الملصقات و المنشورات و ما تشاهده بين المشاهد و ما يكمن بين الصفحات و ما يكتب على الأغلفة و ما يوزع على الطاولات و ما يعلق على الجدران و كل ما يصل لأذنك و عينك و أنفك أعمال صممت لتشكيل ذاكرتك و صناعة ذوقك فما تراه و تسمعه يصل إليك عن طريق أجهزة و برامج تصنع لك ذاكرة وهمية و مخيلة وهمية و ذوق وهمي لكن كيف تحدث هذه الحيلة!؟
عندما يعرض عليك مشهد من وقت لآخر التكرار يجعله ناريا و لامعا و مشعا و واضحا في دماغك فالتكرار يحفر الاسم غير المألوف و يربطه بالشكل الذي احتويته بنظرك و تعتمد الحيلة على ربط الإعلانات و الدعايات و العروض التجارية بما تتابعه و تشاهده بتركيز عالي كالمباراة و الفيلم و المسلسل و البرنامج و الكتاب و المجلة و المنشور لتتشكل علاقة بين تركيزك العالي و نظرتك العشوائية فما يتكرر على حواسك يبرمج عقلك على اختياره! ما الذي سيحدث بلا إنتباه منك!؟
ستكتشف بأن ثوبك و عطرك و موس حلاقتك و فرشاة أسنانك و معجون الفرشاة و صابونتك و وجبتك المفضلة و مشروبك المفضل و لون لبسك و نوع سيارتك و أثاث منزلك و ما يحيط بك اختيارات غير ذاتية فرضت عليك بطرق قادتك لشرائها فأنت ستشتري ما ظننت بأنه الأفضل لكن لماذا بسهولة يقع الإنسان في هذا الفخ!؟
مدارك الإنسان تتأثر بالمتكرر الذي يتردد على الحواس من وقت لآخر بلا توقف فمن هذه الظاهرة المتكررة يتشكل الانطباع مما تكرر على حواس الإنسان فيعتقد بأن ما تم إبرازه و الإعلان عنه هو الأفضل و الأجود فتكرار القليل في أوقات كثيرة يضخم مما تكرر لدرجة أن لا تسمع الأذن غيره و أن لا تشاهد العين غيره فيتوهم المتأثر بأن اختياره نابع من ذاته ليس ناتج مما أثر عليه.
تخضع المدارك غير العميقة للرائج و الشائع و المشهور و المعروف و الممدوح و المذكور و يدعم ذلك الكسل و الخمول و الاتكال على المتاح و المتوفر و الموجود فنؤسر بما ظننا أنه من اختيارنا الذاتي بلا تأثير خارجي.
🔦
ما الطريقة للتحرر من هذا الغزو الإعلامي أو الغزو التجاري أو الغزو الذهني!؟
البحث عن غير الرائج و التفتيش عن غير الشائع و اكتشاف غير المشهور و غير المعروف و غير المذكور و غير الممدوح و غير المعتاد و غير المطروح و غير المعروض و غير المنشور من بين الكتب و من بين الألبسة و من بين الأطعمة و من بين الآلات و من بين الأدوات و من بين الهوايات و من بين المجالات و من بين الديكورات و من بين الألوان و من بين العادات و من بين الأفكار و من بين الشخصيات التاريخية لنكتشف ما أهملناه و ما لم نلاحظه و ما سنغير به قناعاتنا و نظراتنا و تصوراتنا و عاداتنا و هواياتنا و مهاراتنا و أفكارنا و أحلامنا و قراراتنا و حياتنا.
عدم التفتيش عما لم يعرض على حواسنا جعل ما يعرض على حواسنا يتحكم بنا و التشابه الواضح بين الأذواق يدل على تحكم جهات إعلامية بالعقول المتأثرة بكل جديد و أفضل العقول من لا تتبع ما اشتهر و انتشر كالمتداول و ما أصبح في متناول الجميع هذه الفئة ذوقها مختلف و نادر و مميز.
رؤية
المهمل
و
اكتشاف
ما
أخفاه المضيء من خطوات التحرر مما غطى مداركنا بتكراره و كثافته و التفتيش عن المجهول و الاتكال على ما ينبع من أعماقنا من طرق التحرر من سلطة صناع الأذواق.
التعليقات