آخر مساهمة شاركتها كانت تتحدث عن الجارة التي تعرضت للضرب على يد زوجها وكيف أنها ترفض شكايته أو الطلاق منه من أجل بناتها، مع أن الطلاق أحله الله وسمح به في حالة استحالة العيشة والعشرة بين الزوجين ومع ذلك يعتبره الكثير من أفراد المجتمع شيئًا يعيب المرأة والأبناء وخاصةً بناتها، فمع نقاش هذه المشكلة ولماذا لا تطلب المعنفة الطلاق وتنجو بنفسها قيل لي بالحرف: "أننا نعيش في مجتمع قذر، وسيقال اقلب القدرة على فمها تطلع البنت لأمها"! فحتى ولو لم تخطأ الزوجة وكان الزوج يصب عليها هي وأطفالها العذاب يحاسبها المجتمع هي ويتم نبذها في كثير من الأحيان بعد الطلاق، وهناك أطفال يتم معايرتهم بأن أمهم "مطلقة" وهناك بنات يرفض الشباب الزواج منهن فقط لأن الأم مطلقة وقيل أمامي شيء مشابه من قبل، كما أن هناك اعتقاد غريب عند البعض أنه طالما الأم طلقت من الأب فالبنت سيكون من السهل عليها الطلاق من زوجها أيضًا!
لماذا يرفض بعض الرجال الزواج من ابنة امرأة مطلقة؟
المشكلة ليست في الطلاق بل في الوعي الجمعي المريض الذي يوصم المرأة ويعفي الرجل.
المطلقة لا تحتاج شفقة، بل احترامًا لأنها اختارت النجاة على العذاب.
هذا الكلام المثالي، لكن لننظر بالواقع الأمر مختلف، المجتمع غالبا يعاقب المرأة على طلاقها حتى لو كان على سبيل النجاة من ضرب أو إهانة أو خيانة، دائما تلام المرأة لأنها لم تتحمل ولأنها لم تحافظ على بيتها، وكل هذا ينعكس على أولادها، وأشهر جملة بتتقال ليس لهم رجل نتكلم معاه، وكأن الرجل هنا ملامح جسدية وليس تصرفات، حينها لا يقولون هذه المرأة بمائة رجل ربت أولادها في حين شبيه الرجل تركهم ولم ينفق عليهم.
وأي بيت هذا الذي يجب أن تتحمل هي ككل شيء من أجل أن يظل قائمًا؟ بينما في الحقيقة لا يوجد بيت، فقط صورة ظاهرة أمام الناس وواجهة اجتماعية مزيفة، بينما في الحقيقة لا يوجد لا مودة ولا رحمة ولا احترام ولا أي أساس من أسس البيت السليم.
وأشهر جملة بتتقال ليس لهم رجل نتكلم معاه
قيلت أمامي للأسف عندما كان أحدهم يقص حكاية تقدم أخيه للزواج من فتاة ثم عدوله عن ذلك.
ولماذا للأسف يا سهام؟! أنا بالطبع أرفض وصم بنات النساء المطلقات وكم من مطلقة تربي بناتها بأفضل ما يكون ولكن كيف نعرفهن من وسط الكثرة الغالبة غير المحترمة؟! هذا ليس تجني عليهم ولكنه واقع فعلاً. يعني لو حصلت خلافات بين ابنة المطلقة هذه وبين زوجها فإلى من يلجأ الزوج او حتى أهله للحديث عن تلك المشكلة؟ حتى لو حصلت مشادة أو مشكلة هنا يمكن أن تقلب الطاولة على الزوج أو بيه أو أخيه وتتهم بالتعدي على امرأة ليس معها رجل. هناك مثل يقال لدينا في مصر أو مقولة: لو عاوز تهزق راجل سلط عليه امرأة! للأسف هذا صحيح فالمراة تستغل أنها امرأة وضعيفة ومكسورة الجناح وتأتي السلطات في صفها حتى الناس سوف تلوم أهل الزوج أو الزوج نفسه وقت المشادات أو الخلافات. هذا هو الواقع للأسف وكثير من النساء المطلقات يفعلن ذلك
الواقع كما ذكرتِ مؤلم، لكنه ليس قدرًا، بل نتيجة انقلاب في منظومة القيم.
حين يُلام من يهرب من الإهانة، ويُبرَّر لمن يمارسها، فليس هذا “مجتمعًا محافظًا” كما يتوهم البعض، بل مجتمع فقد بوصلته الأخلاقية.
المرأة لا تُدان لأنها طلّقت، بل لأن الناس يريدون استمرار الصورة المريحة لخيالهم: بيت قائم ولو كان متهالكًا، زواج مستمر ولو كان مريضًا.
أما حين تكسر تلك الصورة وتختار كرامتها، فإنها تضعهم وجهًا لوجه أمام تناقضاتهم، فيعاقبونها لا لذنبها، بل لأنها كشفت هشاشتهم.
وجملة “ليس لهم رجل نتكلم معه” تلخّص المأساة كلها:
فهم لا يرون “الرجولة” موقفًا أو مسؤولية، بل يرونها وجودًا بيولوجيًا يملأ الكرسي!
ولذلك لا يعترفون بامرأة قوية ربت، وضحّت، وصمدت، لأن حضورها الفعلي يفضح غياب أولئك “الرجال” الشكليين.
العجيب هنا أننا لو رجعنا مثلًا لعصر الرسول _عليه الصلاة والسلام _ والصحابة _عليهم رضوان الله_ لوجدنا أنه كان هناك حالات طلاق تحدث بشكل عادي، وقد تتزوج المرأة المطلقة والأرملة ربما أكثر من مرة ولم تكن هذه مشكلة أو شيء يعيب المرأة.
فكيف ومتى تحول هذا التفكير والوعي المجتمعي والجمعي للأسوأ هذا ما أود فهمه حقًا.
التعليقات