تتنشر هذه الأيام فيديوهات بالذكاء الإصطناعي تعرض الفرق ما يستطيع أن يأكله شخص عادي بتململ غير مدرك قيمة ما بين يديه من نعمة، وبين عشرات الأطفال الذين يتسابقون بالدلاء والمواعين الفارغة، بنشدون كسرة خبز يابسة، أو أي لقمة يسدون بها رمقهم ورأهاليهم، ويظن أغلبنا أننا أحسن منهم حالا!

لم ندرك إلى الأن أن مشكلة ليست في الموارد، بل في كيفية تلقيها، المشكلة في الخضوع والركوع والإنكسار، والمشكلة ليست مقصورة على شعب بعينه،أو مكان جغرافي مخصوص، إنما الإهانة والكسرة هي ضربية مفروضة على كل من يقرر العيش داخل أسور الحضارة العالمية الرأسمالية .

وهنا، كلما زادت رغبتك في الحياة- بسرعة -، و توسعت أحلامك كلما زادت طقوس المهانة التي يجب أن تقدمها لتبقى على قيد الحياة والنجاح، كم عليك أن تقدم من صحتك ومالك ونفسيتك وأسرارك وخصوصيتك حتى تٌقبل في نادي المتحضرين.

هناك نوعين من طقوس المهانة: بعضها غير مباشر وغير مرئي بشكل علني، مثل العبودية الوظيفية، والمالية، والمراقبة القانونية والتأطير والتوجيه السياسي، ويصل حتى خصوصيتنا وأسرارنا النفيسة التي أصبحت تتناقلها المواقع والتطبيقات بغير رقيب ولا حسب، هذا النوع من المهانة لم يعد منه مفر، وقد أصبح فرضا علينا لا محالة ، لكن هناك نوع ثاني من طقوس المهانة، علني ومباشر وواضح للجميع، كشراء شهادة أكاديمية مزيفة، أو الظهور بمظاهر صبيانية وفضح الأسرار علانية على وسائل التواصل، والغريب أن هذا النوع تفشى بشكل مثير للجدل في الآونة الأخيرة، وكلنا نعلم ما فعله جون سينا في حفل الأوسكر.

الغريب هو أن أصحاب هذا النوع بعد أن يحققوا ما يريدون، ويصلون للنجاح الذي يريدون، يعلنون توبتهم أو تعديل مسارهم و يخرجون علينا بتصريحات من قبيل" أن المرء يُحكم عليه بالنهايات ولا يلام على ما فعله في السابق، وأن الناس تنسى وتتذكر فقط ending point ؟

في رأيك هل بيع النفس وإهانتها في سبيل النجاح أو الثراء أو الشهرة، هو مبرر مقبول أخلاقيا؟ وهل فعلا النهايات التقية تمسح ما قبلها من تاريخ للمهانة والعار؟