لماذا عندما نتحدث عن تأثير الشعائر في الأخلاق والسلوك وانعكاس ذلك على الحياة بوجه عام، نواجه بنظرة استغراب أو استصغار وتجاهل؟ والمؤسف، أن هذا الأمر يأتي من أشخاص مسلمين مثلنا، وبالأخص تلك الفئة المثقفة أو من يدعون الثقافة. بالنسبة لهؤلاء، الشعائر والمبادئ الإسلامية أمر ثانوي؛ الإسلام عندهم هو حوار عن صراع الحضارات وإشكاليات الحداثة ومعضلة حقوق المرأة ومحاولة مساواتها بالرجل. كأن ثقافتهم المزعومة تلك أسقطت عنهم الفروض والتكاليف، ومنحتهم حصانة وقداسة دينية...
وهم الاستعلاء الثقافي والأخلاقي
يسعد مسـاك،،
النظرة العلميةللأديان إذا كانت محايدة ستدعم الإيمان بالدين ، لكن فكرة حصر الدين في تأدية الشعائر واعتباره مصدراً للبركة فقط، ثم تبني مرجعيات بشرية كمنهج حياة بديل، ما هي إلا مجرد عملية تدوير لإزماتنا وصناعة اشكالات متوهمة لا تزيد الأوضاع إلا تعقيداً. ربما يكون البعض على حق عند رفضهم لعملية استدعاء (واستنساخ) كل وقائع الفقه والتاريخ الإسلامي السابقة واسقاطها على واقعنا الراهن كما هي ، بحجة عدم المواكبة، وعدم تلبيتها لاحتياجاتنا في مختلف السياقات المتغيرة . لكن الفقه ما هو إلا علم اجتهادي يحاول تفسير النصوص واستنباط الاحكام منها وهناك قطعيات كبرى لا ينسحب عليها مسألة الإجتهاد، وكذلك التاريخ الإسلامي(مابعد العصر النبوي) امتداد لهذا الفقه وتجارب تطبيق عملي له وغير ملزمة ، بل التاريخ و الفقه كلاهما يتجدد ليتماشى مع عجلة النمو و التقدم.
لكن على مر العصور يبقى الوحي بشقيه (كتاب وسنة) هو النص المعياري المؤسس للتصورات الحياتية في جميع الأطر المنظمة لعلاقات الأفراد و المجتمعات والدول، وغير مصادم للتطوّر بالطبع .
عند رفضهم لعملية استدعاء (واستنساخ) كل وقائع الفقه
قرأت أكثر من كتاب فقهي للشيخ العز بن عبد السلام، والأستاذ عبد الكريم زيدان، والإمام الغزالي كما ذكرت في تعليقي سابقاً، وبالفعل يكون من الجيد وجود فقهاء في عصرنا يستلهمون روح الفقه في الأمور الدنيوية ويذيعونه حتى يرشدوا الناس للطريق الأفضل، أعتقد أن الشيخ عثمان الخميس أطال الله عمره متمكن من الفقه وملاءمته لروح العصر.
مساء الخير... الفقهاء الذين ذكرتهم كمثال على المرونة الفقهية ولهم القدرةعلى تنزيل النصوص لواقع صحيح افذاذ ، لكن ما ساعدهم اكثر غلى البروز هو وجود السلطة السياسية الداعمة لهم و اخذها بآرائهم على محمل الجد . وبرأي مدى حجم المسافة بين السلطة السياسية ورجال الدين دائماً ما تكون هي العامل الاساسي الذي يحدد إن كانت النخب المثقفة المختلفة على حالة رضى (نسبي) عن نظام دولتهم أو ستبحث عن بدلائل ،وهذا ليس تبريراً بالطبع لكن مجرد وصف لاسباب ظهور المشكلة .
التعليقات