قد يكون الفرق جليا في طريقة التعامل مع المعلومات وإتخاذ القرارات، بالنسبة للعارف ومدعي المعرفة، ولو كان الإثنان يحملا درجة الدكتوراه. لكن وأنوه وليس على سبيل التعميم إلى أن هناك فرقا بين من يعمل على تحسين نفسه معرفيا وبين حمارا يحمل شهادة. نعم يعتبر التعلم من أهم العمليات التي يمر بها الإنسان وليس بالضرورة التعليم الأكاديمي، وبطريقة أو بأخرى أي شيء نتعلمه قراءة، ندونه كتابة أو نستمع له لديه القدرة للتأثير على طريقة تفكيرنا وتصرفنا.

إن الشخص الذي يتخذ قرارات مهمة بناءً على انطباعات سريعة أو معلومات سطحية. ويقفز إلى استنتاجات دون التفكير في العواقب أو تحليل المعلومات بشكل صحيح والذي يؤدي بدوره إلى أخطاء جسيمة أو خيارات غير مدروسة يعتبر بالمختصر جاهلا بالأمر، بل قد يتمادى بجهله إلى انتقاد غيره بالرغم من كونهم خبراء بمجالات هو نفسه ليس لديه إلا نظرة سطحية عنها.

يمكنك ملاحظة أن أغلب الخبراء لا يقدمون إجابة مباشرة عن موضوع ما فقبل اتخاذ أي قرار يعمدون إلى أن يكون القرار مدروسا ومبنيا على تحليل المعلومات المتاحة عبر جمع الأدلة بهدف الوصول إلى استنتاج. ما يجعل القرار أكثر حكمة وفاعلية. فقد يجيب على سؤال مثلا بالإثباب في شروط معينة وبالنفي في شروط مختلفة بالاستناد إلى الحقائق. أما الشخص السطحي وفي غالب الوقت مدعي المعرفة والذي يميل لليمين او للشمال بالإعتماد على السؤال المشهور هل أنت ضد هذا أو مع هذا ؟ ولا يقتنع بالإجابات التي تحتمل في طياتها مفاهيم لا تتلاءم مع المؤلوف لديه. بل قد لا يملك القدرة على التفكير النقدي أو تحليل الأمور بعمق. كأنه لعبة تسير بمسننات لديها مهمة واحدة، والمصيبة قد بصبح خطرا خصوصا إذا تم التلاعب بأفكاره من قبل جهات لخدمة إديولوجية محددة ما قد يقوده للهاوية.

في بعض الأحيان، يكون التأني لمدعي المعرفة ناتجًا عن عدم الفهم أو الخوف من اتخاذ القرار. قد يتردد كثيرًا في اتخاذ موقف أو قرار بسبب غياب المعرفة فهو في النهاية مدعي وبالأخص تلك المواقف أو القرارات المصيرية والتي تؤثر عليه أو على غيره، هل يبحث عن المعرفة اللازمة؟ بالطبع لا

" لا يتعلم العلم مستحي ولا مستكبر" مجاهد

وفي هذه الحالة سيتخذ قرارات في غالب الأمر تؤدي إلى نتائج سلبية بدءا من عدم تحقيق المطلوب إلى فقدان الفرص المتاحة ما يؤثر سلبًا على جودة الخيارات التي يتم اتخاذها فيما بعد.

و كما أن جهله بجهله مصيبة بحد ذاتها ولو أدرك ما هو عليه وصححه يكون ذلك افضل حدث حصل له، وللتنويه فالتأني في إتخاذ قرار، مع عدم بذل الجهد المطلوب بهدف جمع المعلومات الضرورية، ثم إتخاذه لا يقل ضررا عن إتخاذه مباشرة فواقع الأمر هو مجرد عملية تأخير له، فلو أظهر فقط القدرة على التأني والتفكير النقدي سعيا بما لدبه من معارف في هذه الحالة لفهم كل جوانب الموضوع قبل الوصول إلى نتائج، إن هذه المهارة يتم استخدامها ليس فقط في اتخاذ القرارات، ولكن أيضًا في التعامل مع التحديات والمشكلات للوصول إلى نتائج إيجابية على المدى البعيد ما يجعل صاحبها أكثر قدرة على التكيف مع المواقف المختلفة، ويحقق نتائج أفضل في حياته على الصعيد الشخصي والمهني، والشرط الأساسي هنا أن يمتلك الشخص المعرفة الازمة او يسعى لتعلمها .فلو لم يدرب عقله فإن عتلات ذلك العقل ستصدأ و يصبح في حد ذاته مفتقرا إلى الفهم العميق معتمدا على التسرع مبتعدا عن فرص التعلم المتاحة والتي قد تعمل على تحسين طريقة تفكيره ربما بدءا بالتأني بهدف القيام بالتحليل اللازم قبل إتخاذ قرارات لتتحول من قرارات اعتباطية لأخرى أكثر حكمة وفعالية.

فكم مرة قابلت أحد هذين الشخصين؟ وكيف كانت ردة فعلك؟