عبــدو فشـفشـي !

عبــدو فشـفشـي !

=======

هل أتاكم حديث عبدو فِشْفِشي "الذي يعرف كلّ شِي"؟

إن بعض الناس لديهم قدرة سحرية عجيبة على الافتاء في كل شأن من شؤون الدنيا، وكل أمر من أمور الدين والموت والآخرة، وكل حاجة بين الثنتين!

وهم متحمسون جداً للإدلاء بآرائهم في ماهية الهيموجلوبين، وسرّ ثقب الأوزون، ولماذا تحدث ظاهرتا المدّ والجزر، وما الصفة السياسية لدولة الفاتيكان، وكيف يتكون العسل في إفراز النحلة؟

وإذا كان الشخص الذي يتحدث في هذه الأمور كلها يدري ماذا يقول، ويكون قوله صواباً بالفعل، فهو مثقف، أو واسع الاطلاع على أقل تقدير. أما إذا كان يهرف بما لا يعرف، أو كما نقول في العامية "يخطرش" أي أنه يقول أيّ كلام في أيّ حاجة، فهذا قليل حياء، لأنه مجرد فشفشي، يزعم ما لا يعلم.

أثبت ايزاك نيوتن - ببرهنة علمية دامغة - أن جميع ألوان الطيف السبعة إذا ما مُزِجت ببعضها، فإن اللون الأبيض هو ناتج هذا المزيج. لكن عبدو فشفشي سيحلف بأغلظ الأيمان أن نتيجة نيوتن خاطئة، وأن ناتج المزيج سيُسفر عن اللون المشمشي. ولازم يكون مشمشي مادام صاحبنا فشفشي!

حاول أن تتحدث مع رفقتك - في وجود أحد هؤلاء الفشافش - في موضوع متصل بكرة القدم، ستجده بيليه أو مارادونا ماثلاً أمامك. أو تُجادل بعضهم في شأن من شؤون الحرب الدائرة في أكثر من بقعة أرضية هذي الأيام وبضمنها هذي الـ"بلاد"، فإذا بمونتجُمري يُصحّح لك معلوماتك في قواعد الاشتباك. واذهب في نقاش بصدد أي أمر من أمور الآيديولوجيا أو الإيكولوجيا أو التكنولوجيا أو غيرها من الأمور التي تنتهي بـ"لوجيا" فإذا بالأخ العزيز أستاذ في الفاصوليا واللوبيا بدون منازع.

سأل الرائي العظيم عبدالله البردّوني واحداً من هؤلاء عن سيدة تُدعى نخلة بنت عامر، فقال له الرجل إنها إحدى الصحابيات الجليلات. بعد أن ذهب الرجل، جلجلَ البردّوني بضحكته الشهيرة. وحين سأله الحاضرون عن السبب، أجابهم: إن نخلة بنت عامر ليست سوى المرحومة أُمي!

------------------