إن الصداقة تعد واحدة من أهم الروابط الإنسانية وأرقاها، لأنها تقوم على الآخر، لا على المصلحة ولا بأغراض الغريزة، فيقول ابن عربي: من صحبك لذاتك فعوّل عليه. فالصداقة لا تأتي معها مصالح، وتعتمد بشكل كبير على وفاء وصدق الطرفين.

أعد شخصًا محظوظًا فيما يتعلق بالصداقة، فمنذ الصف السادس التقيت بصديقتاي اللتين ما زالتا بعد اثني عشر عامًا أغلى ما أملك بعد عائلتي، مع الوقت والتجارب والمواقف بت أستشعر عبارة أن الأصدقاء هم عائلتنا التي اخترناها، وبت أرى كم تبدو الحياة أهون بوجود الصديق، فما بالكم إن كان صديق الطفولة!

ولكن لماذا أصدقاء الطفولة مميزون؟

أتذكر كيف كنت في الصف السادس وكيف كانت صديقتاي، أتذكر كيف كان لدينا أسئلة حول كل شيء، أتذكر تخبطاتنا، أتذكر قراراتنا بلبس الحجاب، بأخذ المراكز الثلاثة الأولى في الصف، أتذكر دراستنا في مرحلة الثانوية العامة معًا، دخولنا نفس الجامعة، و تخرجنا ، لقد بنينا حياة كاملة نختبر فيها ثلاثتنا كل ما تمر به كل واحدة منا، ولذا فصداقات الطفولة ، تمنحك القدرة لتكون مرتاحًا حيث لا تحتاج لتبرير نفسك أمام صديقك، لأن الصديق في هذه الحالة بنى أفكارك معك، وعاش تجاربك معك، حتى أصبحت خبرتكما مضاعفة.

ومع أنني أملك أصدقاء آخرين، ومميزين للغاية، لكن تظل صداقة الطفولة مميزة ومليئة بنا نحن، حين كنا برئيين لا نعرف شيئًا عن العالم، والسر في استمرار صداقات الطفولة هو المحبة المتبادلة والمليئة بالحرص على الطرف المقابل والرغبة في اختبار الحياة بتجاربها الكاملة بوجود هذا الشخص.

أخبروني هل ما زال صديق الطفولة معكم؟

وما الذي تعتقدون أنه يميز الصداقة كعلاقة إنسانية عن غيرها من العلاقات؟؟